الرئيسيةمقالاتوجهان في مرايا الشعر 
مقالات

وجهان في مرايا الشعر 

وجهان في مرايا الشعر

بقلم : السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد – مصر 

الشاعرة و الروائية السورية ندى جمال القاضي ، و الشاعر والكاتب السوري عيسى الشيخ حسن ٠

بين (في غيابة الحب ٠٠ !! ) و ( أناشيد مبللة بالحزن )

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

عندما نطل على رحلة الشعر من خلال الياسمين السورية نتوقف مع ظاهرة الحب لغة التلاقي في مرايا الشعر عند الشاعرة السورية ندى جمال القاضي و الشاعر السوري عيسى الشيخ حسن فكلاهما يعكس رؤية جمالية للنص من زوايا الوطن المسافر مع الذاكرة بين الذكريات و المنافي في عزف ثنائية الخلود بمقاطع شعرية تكشف لنا معجم الحياة ٠٠

* الوجه الأول [ في غيابة الحب ] :

ندى جمال القاضي شاعرة وروائية سورية ولدت عام ١٩٩٠ م بدمشق ٠

صدر لها عدة مؤلفات ٠

و تقول الشاعرة ندى جمال القاضي في رائعتها بعنوان ( استحضرك حباً ) حيث تؤمن بأن الحب هو طوق النجاة و الخلاص من أتون الصراع فتحمل فلسفة جمالية تتخذ من الشعر خبزاً كي تواصل ملامحها الهارية بين أهداب المستحيل :

أتعمدُ الشعرَ الجريءَ وأحتفي

بقصيدةٍ حمراءَ يشعلُها اللهبُ

وأقطعُ الأوزانَ مثلَ عجينةٍ

محشوةٍ بالحبِّ يخبزُها الهُدبُ

لا شيء عندَ الشعرِ يوقفُ سطوتي

مثلُ انفعالاتٍ تملكُها الغضبُ

أتحسّسُ الحرفَ المغمسَ بالهوى

وأفتّهُ كالخبزِ .. أعياني السغبُ

وأعلّقُ الضوءَ القديمَ وكوّتي

تلقي عليَّ الماسَ إنْ سقطتْ شهبُ

أتعاورُ الليلَ الطويلَ مع الرجا

للصبحِ أنفاسي يقطعُها التعبُ

فتزقزقُ الأطيارُ خوفًا وظمأً

ويطيرُ ريشُ صغارِها وكذا الزغبُ

مزّقتُ جلَّ قصائدي ونثرتُها

لا الحبُّ يطربني بهنَّ ولا العجبُ

وقرأتُ ألفَ قصيدةٍ وقصيدةٍ

فتحطّمَ الحبُّ المزيّفُ والكذبُ

وفغرتُ فاهي لحظةً وتحدّرتْ

فوقَ الخدودِ مدامعي تهمي .. تثبُ

قفزَ الحبيبُ لخاطري متعمّدًا

يلقي عليَّ محبّةً بل يقتربُ

إنّي أحبكِ والهوى طفلٌ تحيـ

ـرهُ السكاكرُ والعرائسُ واللعبُ

يا قطّتي البيضاءُ هيا تودّدي

حملتُكِ كفّي—في فؤادي—والرَّكبُ

تتمسّحينَ بأضلعي… ظِلّي هنا

فرشتُ لكِ الحبَّ الأرائكَ والرتبُ

فيزولُ حزني .. كيفَ لا تردّينه؟

والعشقُ أنتِ والنتيجةُ والسببُ

وخلاصةُ الأقوالِ أنّي شاعرٌ

والشعرُ أنتِ .. والقصائدُ والأدبُ

كلُّ الكلامِ غدا يشابهُ بعضَهُ

وحلاوةُ الكلماتِ تمرٌ وعنبُ

هزّي إليكِ قصائدي وتمتّعي

يتساقطُ الرمانُ حولكِ والرطبُ

هيا تعالي نلتقي فوقَ الرؤى

تتشاجرُ الأقمارُ حولي والشهبُ

وأعيدُ كلَّ مشاعري وعواطفي

الغيرةَ العمياءَ .. الحزنَ .. الغضبَ

مدّي يديكِ ولوني أيامَنا

خاما يظلُّ لدى مناجمِهِ الذهبُ

وتسلّلي وتغلغلي في خافقي

والخدُّ رمانٌ وثغرُ الحبِّ صبُّ

إنّي تركتُ فراشتي عندَ الضحى

تعلو وتهوي ثم يغشاها النَّصَبُ

وعيونُ مَن في الحيِّ ترسلُ نحوَها

نظراتِ حبٍّ والصفوفُ كذا الشعبُ

كيفَ الذي أغريتِهُ يومًا بما

أخفيتِهُ بينَ الضلوعِ كما يجبُ

أن ينسى ذاك الطرفَ والخصرَ الذي

سقطتْ عليه كواكبٌ .. قمرٌ .. سُحُبُ

آنَ الأوانُ لترجعي يا ثروتي

فالفقرُ أضناني وأعياني التعبُ

***

الوجه الثاني [ أناشيد مبللة بالحزن ] :

عيسى الشيخ حسن، شاعر وكاتب سوري، يقيم في دولة قطر، منذ تسعينيات القرن الماضي. من مواليد قرية أم الفرسان بريف مدينة القامشلي، شمال شرقي سورية عام 1965.

يعد الشيخ حسن من الشعراء السوريين في المهجر، وهو حاصل على إجازة في اللغة العربية.

وتأثر ببيئته البدوية الممتدة باتجاه بوابة بلاد الرافدين.

صدرت له 6 دواوين شعرية وروائيات ٠

حاز العديد من الجوائز بينها جائزة الشارقة ٠

يقول شاعرنا حسن عيسى في رائعته حيث يوظف الحب كظاهرة سرمدية في معادلة الحياة من زوايا تشرق في النفس ليرسم لوحته بالرموش و الهوى مسافات الحنين في المهجر و الغربة عازفا لحنه الشجي في باحة الذاكرة مستلهما الأسطورة من غياهب التاريخ بماض ٍ يترجم مشاعره :

يُسَلِّبُ قلبًا بالرموشِ وبالهوى

فكلتاهما ماضٍ بنصرٍ كما روى

يُؤرِّخُ تأريخَ الحوادثِ فائزٌ

وليس على شيءٍ بما جاءَ من هوى

فعند الهوى آلَ الفؤادُ مُسيِّدًا

ولا حكمَ للعقلِ الحصيفِ بما جرى

فلو كانتِ العشّاقُ تملكُ عقلَها

لما حلَّها الخذلانُ في حومةِ الوغى

فجندٌ إلى الحملاتِ قامتْ كأنّها

مسلّحةُ الإيمانِ واثقةُ الخُطى

بوثبةِ جبّارٍ تمادتْ بقسوةٍ

وجارتْ على المسكينِ حربًا من العتا

لهُ سطوةُ الضرغامِ لو صالَ غازيًا

وعند سلامِ الحبِّ ظبيٌ من الفلا

ومُنتظرٍ وصلًا أذوبُ تساؤلًا

متى يطلعُ البدرُ المنيرُ على الدجى

وما العهدُ في الدنيا أَعوذُ برُقيةٍ

ولكنَّ سردَ الغيبِ بالظنِّ والرُّقى

كأنَّ الرُّقى من خوفِ فقدٍ ملاجئٌ

يُداري بها النفسَ الكسيرةَ من توى

أُسائلُ عنهُ الغيبَ في كلِّ خلوةٍ

فمفزعتي العرّافُ علّي بهِ وعسى

ويمتشقُ الأسيافَ في كلِّ نظرةٍ

أتتْ من منيعِ الشأنِ والأمرُ هكذا

فكان التداعي أن أكونَ صريعَهُ

وإني لهُ عبدًا مطيعًا بما يشا

فكلُّ جمالِ الطبعِ من ملكوتهِ

كأنَّ احتكارَ الحسنِ من دونِ ذا أورى

يُبادرُ بالآياتِ من فرطِ حسنِهِ

فلا حولَ للمصروعِ من دهشةِ النُّهى

وما هيَ إلّا نظرةٌ قد تساكرتْ

ولمّا أفاقَ القلبُ أحرقَهُ الجوى

وما كانَ لي غيرُ المخاطرِ لذّةٌ

وللحبِّ غاياتُ المقاتلِ في الردى

فإنَّ كفاحَ الحبِّ للحبِّ نافعٌ

ولا ضرَّ مثلُ العجزِ كبوًا مع الأذى

ولا بدَّ للعشّاقِ بعضُ مسالحٍ

وأولُها الإقدامُ سعيًا إلى المُنى

مُنى العاشقِ الولهانِ وصلُ حبيبِهِ

ويومٌ لغيرِ الوصلِ ليسَ من الدُّنى

فعمرُ الفتى ما كانَ بالوصلِ واللقا

وشمُّ حبيبِ الروحِ بالقربِ إنْ دنا

كأني بوجهٍ بالجمالِ تبدّلٌ

يجدُّ جديدَ الحسنِ في الوجهِ قد بدا

مليحٌ على الأوقاتِ زادَ ملاحةً

فكان جمالُ الآنِ ليسَ كما مضى

أروحُ وأغدو للمقامِ لعلّني

أفوزُ بوصلٍ يمحو ما فعلَ النوى

فلا عاشقٌ بالصبرِ قلّدَ نفسَهُ

وليس بغيرِ الضيقِ ذرعًا بما نوى

يرى شوقَهُ النيرانَ أُجِّجتْ بصدرهِ

فكيفَ خلاصُ المرءِ من حرقةِ اللظى

ففي الحبِّ ترسيمٌ ومنهاجُ خُطّةٍ

بها يأملُ المفتونُ حرزًا بما حوى

وبالرايةِ البيضاءِ نهجُ مسيرةٍ

دلالةَ أنَّ الحبَّ أصلٌ من الهدى

بهِ تُفتحُ الأبوابُ عن كلِّ مُبهمٍ

ويُغلقُ أبوابَ الضغائنِ والعدا

و بعد الانطلاقة و الاطلالة مع عالم الشاعرة و الروائية السورية ندى جمال القاضي ، و الشاعر والكاتب السوري عيسى الشيخ حسن ، و ذلك في وجه مرايا الشعر التي تعكس ملامح التجربة من نافذة الحب كظاهرة شعرية تمتد مع الزمان و المكان تحمل دلالات النفس المتعبة من رحلة التاريخ المحمل بالذكريات و الصراعات دائما ٠

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *