المقالات

وكل إنسان ألزمناه طائرة في عنقة

جريدة موطني

وكل إنسان ألزمناه طائرة في عنقة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

وكل إنسان ألزمناه طائرة في عنقة

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمدا عبده رسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، إن الكلمة الخبيثة علامة من علامات الخسران في الدنيا والآخرة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله ليبغض الفاحش البذيء” رواه الترمذي، وكما أنها سببا في إحباط الأعمال، ولقد أمر الله تعالى أن تصونوا ألسنتكم فلا تخوضوا بها فى غير الحلال، وقال تعالى ” وقولوا للناس حسنا” فمن أراد لنفسه فوزا وفلاحا ولعمله قبولا وصلاحا ولذنبه غفرانا فعليه أن يحفظ لسانه، فحفظ اللسان هو طريق النجاح وسبيل الفلاح وباب النجاة فى الدنيا والاخرة، لذلك وجب الخوف من اللسان ووجب حفظه وحبسه عن الخوض فى الحرام، فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان يضع حصاة في فيه.

يمنع بها نفسه عن الكلام، وكان يشير إلى لسانه ويقول “هذا الذي أوردني الموارد” وكان ابن مسعود يقول “يا لسان، قل خيرا تغنم، واسكت عن شر تسلم قبل أن تندم، والله الذي لا إله إلا هو ما شيء أحوج إلى طول سجن من اللسان” ومع ذلك تجد الكثير من الناس اليوم يخوضون بألسنتهم في الأعراض، فيغتابون الناس، وينمون بين الناس وترى الكثير يكذبون ويشهدون الزور ويقذفون المحصنات، ويسخرون بالمؤمنين، ويذيعون الأسرار، و يتكلمون بالإشاعات، يقترفون الذنوب لا يبالون بصغيرها ويهوّنون من كبيرها، فعن أنسبن مالك رضي الله عنه أنه قال ” إنكم لتعملون أعمالا هي في أعينكم أدق من الشعر، كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات ” رواه البخاري، وإن الله عز وجل وكّل علي كل إنسان ملكين.

أحدهما عن يمينه موكل بكتابة الحسنات والآخر عن يساره موكل بكتابة السيئات، فيرصدان الأقوال والأفعال والحركات والسكنات، وقال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز ” إذ يتلقي المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يلفظ من قول إلا لدية رقيب عتيد” وقال الحسن البصري وتلا هذه الآية الكريمة” إذ يتلقي المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ” فقال ” يا ابن آدم، بسطت لك صحيفة، ووكل بك ملكان كريمان أحدهما عن يمينك، والآخر عن شمالك، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر حتى إذا مت طويت صحيفتك، وجعلت في عنقك معك في قبرك، حتى تخرج يوم القيامة، فعند ذلك يقول تعالي ” وكل إنسان ألزمناه طائرة في عنقة ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا”

ثم يقول عدل والله فيك من جعلك حسيب نفسك، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما ” ما يلفظ من قول إلا لدية رقيب عتيد ” قال يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر حتى إنه ليكتب قوله ” أكلت، شربت، ذهبت، جئت، رأيت ” حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله، فأقر منه ما كان فيه من خير أو شر، وألقى سائره، وذلك قوله تعالي ” يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب” وذكر عن الإمام أحمد أنه كان يئن في مرضه، فبلغه عن طاوس أنه قال يكتب الملك كل شيء حتى الأنين، فلم يئن أحمد حتى مات رحمه الله تعالي، فكونوا حكماء، وصونوا ألسنتكم عن الحرام وأطلقوها فى الحلال، فليس كل الكلام طيب، وليس كل السكوت خبيث، وليس كل من تكلم حكيم، وليس كل من سكت عن الكلام جاهل.

وكل إنسان ألزمناه طائرة في عنقة

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار