ولحم طير مما يشتهون
ولحم طير مما يشتهون
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 6 يناير 2025
ولحم طير مما يشتهون
الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وسبحانه أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين أما بعد في قصة إيذان النبي صلي الله عليه وسلم بتوبة الله على كعب بن مالك قال كعب “وانطلقت إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فتلقاني الناس فوجا فوجا، يهنّوني بالتوبة، ويقولون لتهنك توبة الله عليك، وقال كعب حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله صلي الله عليه وسلم جالس حوله الناس، فقام إليّ طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهناني، والله ما قام إليّ رجل من المهاجرين غيره، ولا أنساها لطلحة” رواه البخاري، فإذا بشّر أحد إخوانك بخير فتفاعل مباشرة وأظهر سعدك، ولن ينساها لك، ومن الآداب النبوية اللطيفة.
التي تترك أثرا عظيما في نفس السامع هو الدعاء له ولوالديه بالخير، فتأمل دعوة نبيك صلي الله عليه وسلم “اللهم اغفر لحذيفة وأمه” وكما يستحب التبسم عند تلاقي النظر، ففي الصحيحين عن جرير في وصف رسول الله صلي الله عليه وسلم “ولا رآني إلا تبسم في وجهي” وأما عن فاكهة الجنة فهي ألين من الزبد، وأحلى من العسل وأبيض من اللبن، وإذا إشتهيت الفاكهة في الجنة، فهل تظن أنك تتكلف صعود النخيل والأشجار، لكي تجني التمر والثمار؟ لا والله، بل هي كما قال الله تعالي “قطوفها دانية” وكما قال تعالي ” ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ” فيأكل منها القائم والقاعد والمضطجع، ويرى أحدهم الطير في السماء فيشتهيه، فإذا به يسقط بين يديه ناضجا شهيا، حيث يقول تعالي ” ولحم طير مما يشتهون”
وأما شرابهم فحدث عن الكافور والسلسبيل والتسنيم والزنجبيل ، فهما عينان تجريان وعينان نضاختان، ويصف الله أنهار الجنة وهي تجري بالأشربة اللذيذة فيقول تعالي ” فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنها من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصطفي ” وكما نفى الله تعالي عن أشربة الجنة كل آفة تعرض لها في الدنيا، فالماء غير آسن، لا يتغير بطول المكث واللبن لا يفسد أو يحمض والخمر لا يصدّع الرؤوس ولا يفسد العقول والعسل مصفى من الشوائب والأكدار، وإذا أكل أهل الجنة وشربوا، فأين يذهب طعامهم وشرابهم؟ لا تظن أن مآله يكون كطعامنا وشرابنا، بل هو مسك يخرج رشحا وعرقا من أجسادهم وجشاء من أفواههم.
أما ثياب أهل الجنة فإنها ليست كثيابنا ولو صنعت من أفخر أنواع الأقمشة حيث قال الله تعالي عنها ” عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلو أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا ” ولقد وصف الله تعالي ثياب أهل الجنة بحسن ألوانها فقال خضر، ووصفها بطيب ملمسها فقال ثياب سندس خضر وإستبرق، والسندس ما رق من الحرير والإستبرق ما غلظ منه، ومع هذه الثياب الجميلة، يحلون بالحلي والأساور فقال تعالي ” يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا، ولباسهم فيها حرير” ولكن هل في الجنة مراكب؟ فالجواب نعم، فنحن في هذا الزمان نحب أن نركب السيارات الفاخرة، ولكن هل يا ترى الواحد منا يركب الدين تلو الدين حتى يشتري سيارة آخر موديل لكسس ولا فياقرا ولا بي إم ثم تراه في الغد يسوق السيارة إلى الورش الصناعية.
أو تسوقه حمانا الله وإياكم إلى الحوادث والأخطار، فإن نعيم الدنيا مشوب بالشقاء، ليس له صفاء وليس له بقاء، أما نعيم الآخرة شيء آخر فقد جاء رجل فسأل النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، هل في الجنة من خيل؟ فقال صلى الله عليه وسلم إن أدخلك الله الجنة فلا تشاء أن تحمل على فرس من ياقوتة حمراء تطير بك في الجنة حيث شئت إلا كان ثم جاء آخر فقال يا رسول الله، هل في الجنة من إبل؟ فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجواب يعم جميع المركوبات فقال إن يدخلك الله تعالي الجنة يكن لك فيها ما إشتهت نفسك ولذت عينك” رواه الترمذي.