ادب وثقافة

ويظل الحزن ضيفاً ثقيلاً..

جريدة موطني

فاطمة عبد العزيز محمد
_________
ويظل الحزن ضيفاً ثقيلاً..
ان فقد الأحبة خطب مؤلم، وحدث موجع، بل هو نار تستعر في الفؤاد وتحرق الكبد، فلا ريب أن موت الأحبة و رحيلهم يدمي ويؤلم القلوب، و يدمع العيون، ويضعف النفوس، فهو ليس من الهين.
حيث ان الدوام لله وحده سبحانه، والفناء لسواه، ولا يسلم من الموت أحد، لا نبي مرسل، و لا ملك مبجل، ولا فقير مذلل، وقال سبحانه وتعالى لحبيبه و سيد أنبياءه”إنك ميت و إنهم لميتون”، وقد تتعدد الأسباب لكن الموت قادم لا يعرف السن، فإنه ينال الصغير و الكبير، ولا يعرف المنزلة فإنه ينال الوزير و الفقير، ولا يعرف الحالة فإنه ينال الصحيح و السقيم، وكل ذلك بتقدير الله و قضاءه.

وما علينا الا ان نرضى بقضاء الله و قدره، فقد قضى الله سبحانه الموت لهذا الإنسان الذي أحببناه، فهذا أمر الله قد حل بهذا الإنسان فيجب الرضى به، وما نحن إلا عبيده، والعبد يرضى دوما بما يكتبه مولاه عليه، وقضاء الله على العبد كله خير وإن كرهه العبد، فقال تعالى”عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم”، فالله سبحانه قد يبتلي عبيده بأمور و أحوال فيها حكمة تجلب لهم الخير عاجلا أم آجلاً.

فإذا ابتليت بمحنة فاصبر لها، وتهون المصيبة وييسر المصاب إذا آمن المسلم بالقدر خيره وشره حلوه ومره، إذا علم أن هذا تقدير العزيز العليم، وحكم العليم الخبير، في قول الله جل وعلا (وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [التغابن:11]، قال علقمة: “هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم”.
وإذا علم الإنسان أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، حيث قال الله عز وجل (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [الحديد: 22، 23].
وتهون المصيبة ويسهل المصاب على المؤمن بتذكر الأجور العظيمة التي ينالها من صبر واحتسب، فقال ربنا جل وعلا (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 155 – 157].
وفي صحيح مسلم عن أم سلمة-رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا”، قالت فلما توفي أبو سلمة: “قلت ومن خير من أبي سلمة صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-“، -وما علمت أن وفاته ستكون خيرا عظيما لها-، قالت: “ثم عزم الله لي فقلتها، قالت: فتزوجت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-“.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: يقول الله -عز وجل-: “ما لعبدي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة”. [رواه البخاري].

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار