المقالات

يأجوج ومأجوج

يأجوج ومأجوج

بقلم / هاجر الرفاعي

يأجوج ومأجوج

بسم الله وعلي الله نتوكل ونصلي ونسلم علي رسول الهدي والرشاد محمد صلي الله عليه وسلم، فإن يأجوج ومأجوج قبيلتان من ولد يافث بن نبي الله نوح عليه السلام، وجعل الله سبحانه وتعالى خروجهم في آخر الزمان علامة من علامات الساعة الكبرى كما دلت الآية الكريمة على ذلك، بأنه إذا فتحت يأجوج ومأجوج فإن ذلك دليل على اقتراب الوعد الحق، والمراد به يوم القيامة، ويقول حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه، اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: “ما تذاكرون؟” قالوا: نذكر الساعة.

 

قال: “إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات” فذكر “الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم” رواه مسلم.

 

وإن كثرة الفساد مع قلة الإصلاح وقلة الآمرين بالمعروف علامة على خروج يأجوج ومأجوج، فمن هم يأجوج ومأجوج؟ فهما أمتان من الناس تعيشان الآن وراء السد الذي بناه ذو القرنين، فإذا اقتربت الساعة خرجوا على الناس، ودورهم يأتي بعد خروج الدجال، ثم قتله على يد نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام، وهم أصحاب قوة لا تقاوم، وأعداد لا تحصر، فأذاهم شديد، وضررهم بالغ، ولا يد لأحد على مقاومتهم، فيفر الناس منهم إلى الجبال، أو يتحصنون في بيوتهم ويلوذون ويلجئون إلى الله بالدعاء والتضرع .

 

ويصيب نبي الله عيسى عليه السلام ما يصيب الناس من الهول والعنت، فيؤمر بأن يخرج بعباد الله إلى الطور، ويتحصن بعباد الله في جبل الطور، وهناك، أي على جبل الطور، يرغب إلى الله بالدعاء عليهم، فيستجيب الله له، فيرسل عليهم من السماء عذابا وداء فيفشو في أعناقهم، فيموتون موتة رجل واحد، ثم يطهر الله الأرض من نتنهم.

 

وقد ذكر الله عز وجل خبر قوم يأجوج ومأجوج في قصة ذي القرنين، حيث التقى ذو القرنين في رحلته بين المشرق والمغرب بقوم يعيشون بين جبلين عظيمين متقابلين، هؤلاء القوم كانوا يعيشون بين هذين السدين أو الجبلين وكانت بينهما ثغرة يخرج منها يأجوج ومأجوج، كانوا يخرجون على هؤلاء القوم من هذه الثغرة التي بين الجبلين، فيفسدون أرضهم، ويهلكون حرثهم ونسلهم، وكانوا يتعرضون لأعنف الهجمات وأقوى الضربات من قِبلهم، وهم عاجزون عن الدفاع عن أنفسهم، فلما رأوا ذا القرنين انطلقوا إليه، وقاموا وقوفا بين يديه، فتوسلوا إليه .

 

وطلبوا منه أن يقيهم من بطشهم، ويحميهم من شرهم، فرد عليهم بكل زهد وأدب وورع، ما أعطاني الله من وسائل الملك وأسباب التمكين خير لي مما تجمعون، فلا حاجة لي في مالكم، ولكنه لمح فيهم العجز والكسل والاتكالية على غيرهم في حل مشاكلهم، فأراد أن يشركهم في العمل في هذا المشروع العظيم، وهذا العمل الضخم، وأخبرهم أنه سيتكفل لهم بهذا المشروع من الناحية المادية، ولكنه في حاجة إلى الأيدي العاملة لتشارك بمجهودها العضلي في إنجاز هذا البناء العظيم، ثم شرع ذو القرنين في البناء بعدما خطط له تخطيطا رائعا، وهندسه هندسة بارعة، فبدأ في بناء السد، فكان بناء قويّا، وسدّا منيعا، ساوى به بين هذين الصدفين أو الجبلين.

 

وبذلك يكون قد سدّ على يأجوج ومأجوج هذه الثغرة التي ينفذون منها إلى هذه الأمة المسكينة المغلوب على أمرها، فلم يستطع قوم يأجوج ومأجوج أن يتسلقوا هذا السد، أو ينقبوه، ولقد أخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “إن يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل يوم، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قالوا: ارجعوا فستحفرونه غدًا، فيرجعون فيعيد الله السد أشد مما كان، حتى إذا أراد الله أن يبعثهم خرجوا يحفرون السد، فقال الذي عليهم إذا ما رأوا شعاع الشمس: ارجعوا وستحفروه غدا إن شاء الله تعالى، فيعودون فيرون السد كهيئته التي تركوه عليها، فيحفرونه ويخرجون” رواه ابن ماجه.

 

فهم يحاولون كل يوم اختراق السد، فيعملون فيه طول يومهم، ولكنه يعود في اليوم الثاني كما كان، حتى يقول قائلهم: غدا إن شاء الله، فإذا قال: إن شاء الله، يأتون في اليوم الثاني للعمل في حفره كعادتهم، فيجدون السد لم يرجع كما كان، فيحفرونه ويخرجون .

يأجوج ومأجوج

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار