يسر العبادات وسماحة الدين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 24 يوليو 2024
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد، يقول الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، بينما أنا واقف في الصف يوم بدر فنظرت عن يميني وعن شمالي فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت أن أكون بين أضلع منهما فغمزني أحدهما فقال يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قلت نعم ما حاجتك إليه يا ابن أخي ؟ قال أخبرت أنه يسب رسول الله صلي الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا فتعجبت لذلك فغمزني الآخر فقال لي مثلها.
فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس قلت ألا إن هذا صاحبكما الذي سألتماني فابتدراه بسيفهما فضرباه حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم، فأخبراه فقال ” أيكما قتله ” قال كل واحد منهما أنا قتلته فقال صلي الله عليه وسلم “هل مسحتما سيفيكما ؟ قالا لا، فنظر في السيفين، فقال كلاكما قتله، سلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح وكانا معاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح” البخاري ومسلم، وبينما عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يحدث نفسه بما يحدثها به ويتمنى أن لو كان بين أضلع وأقوى وأجلد منهما إذ فاجآه بالسؤال والسؤال عن من ؟ عن عدو الله عن أبي جهل فرعون هذه الأمة حيث بلغهما أنه سب النبي صلى الله عليه وسلم فأين أنتم ممن تطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبه وشتمه؟
فإن أمتنا بحاجة إلى معاويذ كثيرة، وإنه إذا تم ذكر العلم تم ذكر ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن رضي الله عنهما، لذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجلسه معه ومع أكابر الصحابة، ويستشيره في الأمر إذا أهمه، ويقول غص غواص، وهذا معاذ بن جبل يقول عنه أبو سلمة الخولاني دخلت مسجد حمص، فإذا فيه نحو من ثلاثين كهلا من الصحابة، فإذا فيهم شاب أكحل العينين، براق الثنايا ساكت، فإذا امترى القوم، أقبلوا عليه، فسألوه، فقلت من هذا؟ قيل معاذ بن جبل، فوقعت محبته في قلبي، وفي إطار عناية الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم بالشباب النابغة من فهم عميق بخصائص هذه المرحلة نجد النبي صلى الله عليه وسلم لا يغفل عن ضبط حماسهم وتوجيههم إلى ما يتناسب وطبيعة أعمارهم.
ويدل على ذلك قصة الشباب الثلاثة الذي أبدوا حماسا في العبادة، فأرشدهم النبي صلي الله عليه وسلم، علي يسر العبادات وسماحة الدين وكل ذلك شفقة من الرسول صلى الله عليه وسلم على هؤلاء الشباب الذين عزموا على ترك بعض ما أحل الله لهم والإجتهاد في طاعة الله سبحانه وتعالى، وفي هذا الإطار نفسه نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفق على الشاب عبدالله بن عمرو بن العاص عندما أخذه حماس الشباب في قراءة القرآن كاملا كل ليلة، فلما علم بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم أمره بالتيسير والتقصير مشفقا عليه لعل الزمن يطول به فيستطيع أن يداوم علي قراءته.
يسر العبادات وسماحة الدين