التي توفيت في 9 أكتوبر/تشرين الأول 1982 عن عمر ناهز 86 عامًا. كانت آنا فرويد (1895-1982) رائدة في مجال التحليل النفسي للأطفال.
كان والدها، سيغموند فرويد، مؤسس التحليل النفسي، لكن آنا لا تُذكر فقط بابنته، بل كانت شخصيةً محوريةً في حركة التحليل النفسي، حيث قدمت ابتكاراتٍ نظريةً وتقنيةً مهمة، وأحدثت تغييراتٍ هائلةً في كيفية رؤية الأطفال وفهمهم ورعايتهم.
بمناسبة ذكري وفاتها، اليكم بعض من انجازاتها..
اسست آنا فرويد عيادة هامبستيد (Hampstead Clinic) في لندن عام 1951 بالاشتراك مع هيلين روس (Helen Ross) ودوروثي برلنغهام (Dorothy Burlingham). كان الهدف من تأسيسها تقديم العلاج والدعم للأسر، ومعالجة الأطفال المضطربين أو ذوي الإعاقات بغضّ النظر عن مشكلاتهم أو خلفياتهم الاجتماعية أو تاريخهم السابق، وفي الوقت ذاته توفير تدريب متكامل وغني للمحللين النفسيين المتدربين.
رأت آنا فرويد في هذه العيادة فرصة لتطبيق معرفتها التحليلية النفسية المتخصصة في مجال إرشاد الأطفال (Child Guidance).
وكانت العيادة تقع في 31 شارع مايرزفيلد غاردنز (Maresfield Gardens) في حي هامبستيد بلندن، وبدأت عملها الكامل عام 1952. حصلت على دعم من عدد من المؤسسات الخيرية، مثل مؤسسة فيلد في إلينوي (Field Foundation of Illinois)، ومؤسسة أبحاث الطب النفسي (Foundation for Research in Psychiatry)، ومركز الدراسات بجامعة ييل (Yale Study Center).
ضمّ المبنى ست غرف استشارة، وغرفة ألعاب، ومكاتب، ومكتبة، وقاعة دراسية لتدريب المعالجين.
إلى جانب علاج الأطفال، كانت العيادة تطبق العلاج المتزامن للأم والطفل بإشراف دوروثي برلنغهام، التي شجعت أيضًا على إنشاء فهرس تحليلي (Index) لتوثيق البيانات المستخلصة من التحليل النفسي للأطفال. كان هذا الفهرس يُسجَّل على بطاقات ويُرتّب موضوعيًا بما يتوافق مع السياق التحليلي ومع ما يكشفه الأطفال في جلساتهم.
استند هذا النظام التصنيفي إلى الأساليب التي طورتها برلنغهام وآنا فرويد أثناء إدارتهما لـ دار حضانة جاكسون (Jackson Nursery) في فيينا، ثم دور حضانة الحرب في هامبستيد (Hampstead War Nurseries) في لندن.
أما آنا فرويد، فقد طوّرت أداة تشخيصية أصبحت تُعرف لاحقًا باسم “الملف التشخيصي” (Diagnostic Profile)، وهي منهجية تعتمد على استبيان نفسي يستخلص المعلومات من مقابلات مع الأطفال وأسرهم بهدف إنتاج تشخيصات أكثر دقة.
كان الهدف من هذه الأداة زيادة موثوقية التحليل النفسي للأطفال، وتمكين المحللين من اتخاذ إجراءات علاجية فعّالة في وقت أبكر مما كان ممكنًا من قبل.
حققت عيادة هامبستيد (Hampstead Clinic) شهرة سريعة أتاحت لمؤسِّساتها تنفيذ تجارب رائدة في مجال التحليل النفسي.
ففي عام 1954 بدأت دوروثي برلنغهام (Dorothy Burlingham) تحليل حالة طفل كفيف، وهو ما شكّل بداية تعاون طويل بين العيادة والمعهد الملكي الوطني للمكفوفين (Royal National Institute of the Blind).
وسرعان ما قامت برلنغهام بافتتاح روضة للأطفال المكفوفين في منزل صمّمه إرنست فرويد (Ernst Freud) – نجل سيجموند فرويد – وبُني في حديقة المبنى الرئيسي للعيادة.
وفي مرحلة لاحقة، أُنشئت عيادة الأطفال الأصحاء (Well Baby Clinic) لمساعدة الأمهات على الاستجابة لاحتياجات أطفالهن الجسدية والعاطفية.
كما أصبح من الممكن ملاحظة الأطفال العاديين في مراحل نموّهم الطبيعية بفضل تأسيس روضة (Kindergarten) ضمن مرافق العيادة.