سبب إماتة الضمير في العاملينل
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين مصرف الأمور، ومقدر المقدور “يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ” أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وهو الغفور الشكور وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنفع يوم النشور، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالهدى والنور، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه فازوا بشرف الصحبة وفضل القربى ومضاعفة الأجور والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الآصال والبكور، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن الرشوة وعن أضرارها علي الفرد والمجتمع، وإن من أضرار الرشوة هو قد تكون في إجراء تعاقد مع العاملين، فقد يتعاقد مع غير الأكفاء بسبب ما يقدمونه من الرشوة، ويترك الأكفاء لتعففهم وعزة نفوسهم، واعتدادهم بكفاءتهم، وفي ذلك من المضار.
ما يفوت على الأمة الإستفادة من كفاءة، ومعرفة الأكفاء ويمنحهم بمضار وعجز الضعفاء، ومجالات ذلك عديدة فإذا كان في حقل التعليم أضر بالعلم نفسه وبتحصيل أبناء وطنه، وإن كان في الطب فليس هو أقل من غيره، وكذلك في المجالات الأخرى ذات الطابع الفني الذي يرتبط بالمجتمع، وقد يكون في إرساء عطاء لمشروع أو في الإشراف عليه فيتعاطف المرتشي مع الأقل كفاءة وإمكانيات وأسوأ معاملة، وتكون النتيجة على رأس المجتمع، فقد يكون مشروع إسكان أو مدّ جسور فينهار هذا أو ينكسر ذاك، والضحية من المجتمع، وقد سمعنا على مثل هذا، وأن مشروع الإسكان إنهار قبل أن يسكن وقبل أن تستلمه الجهة المختصة فكيف تكون الحال لو سكن بالفعل، ومثل ذلك في الطرق والمنشآت الأخرى، وقد تكون في إبرام صفقة لحاجة البلد.
فقد يقع التساهل في الصنف أو النقص في المقدار، وقد سمعنا عن صفقة حبوب فلما وصلت بلدها فإذا هي تالفة بالسوس، فهل تشتري دولة لنفسها حبوبا مسوسة أم أن الرشوة هي التي سوستها، وقد تكون السلعة سلاحا للدفاع عن الوطن والنفس والأهل والمال والعرض فيأتي إما غير صالح أو غير كاف، وقد تكون في إفشاء سر الدولة أيا كان موضوعه فيقع على الأمة من الخسارة بقدر موضوع ذلك السر الذي أفشاه فقد يكون عسكريا فيفوت الفرصة على الجيش أو يوقع الجيش في مهلكة ويمكن العدو منه، وكل هذا من المفاسد على عامة الأمة والمجتمع حكومة وشعبا، وهناك المضار الفردية، وهي بالتالي تعود على المجتمع لأن الفرد جزء منه، وما يؤثر على الجزء يؤثر بالتالي على الكل، ولقد تقدمت الإشارة إلي الراشي والمرتشي في نصوص سورة المائدة من دنس القلب.
وذلة النفس وصغار المرتشي، وأول ما يكون ذلك وصغاره عند راشيه وشريكه، وقد جاء في بعض الأخبار أن شخصا إرتشى وباع سرا من أسرار بلده لملك من الملوك فجاء ليقبض ثمن خيانته وطلب لقاء ذلك الملك وظن أنه سيكرمه لقاء ما أسداه إليه من جميل، فلما حضر طلب مصافحة الملك فأمر الملك بدفع الثمن إليه، وقال له هذا ثمن عملك أما يدي فلا تصافح خائنا، وإن من أضرار الرشوة هو إماتة الضمير في العاملين فلا يخلص في عمله ولا ينجز ما وكل إليه إلا بأخذها، وإضعاف الكفاءات فلا يجهد المجد نفسه في تحصيل مقوماته الشخصية لثقته بالوصول إلى مطلبه عن طريقها، كما يعوّل بعض الطلاب على الغش في الإمتحان، أو بعض المشتركين في المسابقات للعمل يعوّل على ما سيوصله إلى العمل المنشود عن طريقها وبالطرق التي يسلكها.
سبب إماتة الضمير في العاملين