سد النهضة بين الغطرسة الإثيوبية والمصير المصرى الحتمي
بقلم :عماد نويجى
ما حدث مؤخرًا من إثيوبيا من تصرف أحادي الجانب يعكس بوضوح خطورة النهج الذي تتبعه هذه الدولة التي تضرب عرض الحائط بكل القوانين الدولية والاتفاقيات سواء القديمة منها أو حتى ما تم التوافق عليه من مبادئ أولية لاتفاقيات حديثة.
المشكلة أبعد بكثير من مجرد فشل السد في توليد الكهرباء كما يتصور البعض أو يتعامل معه بسطحية عاطفية. القضية في جوهرها أخطر وأعمق. نحن أمام دولة تمارس غطرسة سياسية واضحة مدعومة من مخطط دولي يستهدف الضغط على مصر عبر موردها الأساسي للحياة، نهر النيل. هذا المورد الذي صنع وجود مصر في قلب الصحراء وجعلها حضارة ممتدة عبر التاريخ، هو ذاته المورد الذي أصبح مهددًا بالحجب أو المنع، وهو ما يعني ببساطة الفناء.
لا يجب أن ننخدع بسنوات الفيضان الحالية، فالتاريخ يخبرنا أن دورات الجفاف قادمة لا محالة، وحينها سيكون السؤال الأكثر إلحاحًا: ما مصير مصر والسودان إذا قررت إثيوبيا، عن عمد أو لأسباب سياسية، تقليل أو حجب المياه؟ وهل يمكن لمصر أن تظل مكتوفة الأيدي أمام مخطط واضح يستهدف إذلالها وتجويع شعبها؟
الاحتمال العسكري في هذه الحالة يظل قائمًا، وربما يصبح الخيار الوحيد إذا واصلت إثيوبيا سياسة المماطلة والتلاعب المتعمد بحصة مصر المائية. ولا ننسى أن هذه الأزمة كانت أحد أكبر التحديات التي ظهرت بعد ثورة يناير وما تلاها من فوضى إقليمية وانهيار أنظمة عربية تباعًا، مما أتاح الفرصة لإثيوبيا للتحرك بهذه الطريقة.
الحلول المقترحة للخروج من الأزمة
تصعيد الملف دوليًا: تكثيف الجهود المصرية على كل المستويات الدبلوماسية عبر مجلس الأمن، الاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوروبي للضغط على إثيوبيا.
تحالفات إقليمية: تعزيز الشراكة مع دول حوض النيل والسودان بوجه خاص لتشكيل جبهة موحدة، بدلًا من أن تبقى مصر وحدها في المواجهة.
الضغط الاقتصادي: الاستفادة من النفوذ التجاري والاستثماري لمصر مع شركاء دوليين للضغط غير المباشر على أديس أبابا.
التحرك الفني والبدائل: الإسراع في مشروعات تحلية المياه ومعالجة الصرف الزراعي لتقليل الاعتماد المطلق على النيل.
الخيار العسكري: يبقى آخر الحلول ولكنه سيظل حاضرًا على الطاولة في حال استمرت إثيوبيا في التحدي والمماطلة.
سد النهضة ليس ملفًا عاديًا بل قضية وجودية تحدد مصير أمة بأكملها، وأي تهاون في إدارتها ستكون كلفته باهظة.
سد النهضة بين الغطرسة الإثيوبية والمصير المصرى الحتمي