الفيفا يدفن ضميره .. عزل روسيا ودعم إسرائيل في إبادة غزة!
بقلم: نبيل أبوالياسين
في وقت تئن فيه أراضي غزة تحت وطأة آلة الدمار والإبادة، وتُباد أحلام أطفالها تحت أنقاض ملاعبها التي كانت منابر للفرح والأمل، يصمت العالم متفرجًا. لكن الصمت الأكثر إيلامًا هو صمت المؤسسات الدولية التي ترفع شعارات الحياد والرياضة النقية، بينما تتحول إلى أداة في يد القوة الغاشمة. من على منبره، يعلو صوت الحق الباحث والمناضل نبيل أبو الياسين، رئيس منظمة الحق الدولية لحقوق الإنسان والمحلل البارز في الشأن العربي والدولي، ليوجه صفعة مدوية لازدواجية المعايير التي تمارسها هذه المؤسسات، وليكشف النقاب عن الوجه القبيح للسياسات الدولية التي تنتقي غضبها وغضاضتها وفقًا لهوية الجلاد. في هذا البيان الجريء، يسلط أبو الياسين الضوء على التناقض الصارخ في معاملة الفيفا لروسيا مقارنة بإسرائيل، مؤكدًا أن الرياضة لم تعد بريئة، بل أصبحت ساحة أخرى لتصفية الحسابات السياسية بإرادة مزدوجة.
ازدواجية المعايير.. الفيفا والاختيار السياسي
وأشار أبو الياسين إلى أن الموقف المزدوج للاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” لم يعد خافيًا على أحد، بل أصبح عارًا أخلاقيًا يلطخ سماء الرياضة العالمية. فبينما سارعت الفيفا إلى عزل روسيا ومنع فرقها من المشاركة في جميع البطولات بعد أربعة أيام فقط من غزوها لأوكرانيا، نراها اليوم تتماطل وتتذرع بـ “عدم القدرة على حل المشكلات الجيوسياسية” عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، التي تواصل إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني منذ أشهر. ووضح أن هذا التناقض ليس سوى انعكاس للإرادة السياسية الغربية التي تهيمن على هذه المؤسسات، حيث يتم تطبيق القوانين والمعايير بشكل انتقائي، فتُقدم روسيا كعدو يجب معاقبته، بينما تُحمى إسرائيل وتُعتذر عن جرائمها تحت ذرائع واهية. وحذر من أن هذا الصمت المشبوه يقتل روح الرياضة وينسف مبادئ العدالة والمساواة التي تدعيها هذه المنظمات.
الرياضة الحقيقية.. بين الواجب الإنساني والواقع المخزي
وأضاف أبو الياسين متسائلاً: أين الروح الرياضية الحقيقية التي عهدناها؟ وذكر أن الرياضة الحقيقية هي مدرسة للروح والإنسانية، وجسر للتضامن يتجاوز الحدود، حيث يصبح الرياضي سفيراً لقيم أعمق من اللعبة نفسها. ولفت إلى أنه في لحظات المحن الإنسانية الكبرى، كالتي يعيشها شعب غزة تحت القصف والتجويع، تتجلى حقيقة القيم التي يحملها الرياضيون. وتعجب من أن بعض اللاعبين العالميين البارزين يمتنعون عن التعبير عن تضامنهم مع الإنسانية تحت مزاعم مضللة مثل “ابتعاد الرياضة عن السياسة”، في تناقض صارخ مع جوهر الرياضة الذي يقوم على التعاطف والإنسانية. وحذر من أن رفض أي لاعب التوقيع على قميص فلسطين أو التعبير عن تضامنه مع شعب يعاني أبشع جرائم العصر، ليس مجرد لحظة صمت، بل هو سقوط أخلاقي يسقطه من نظر الملايين، ويكشف أن “الروح الرياضية” التي يتغنى بها البعض تتحول إلى شعارات فارغة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الحق الفلسطيني. وختم بالقول: “القضية الفلسطينية تختبر ضمير العالم، والرياضيون الذين يتجاهلون هذه المحنة الإنسانية يخونون الجوهر الحقيقي للرياضة التي يدَّعون تمثيلها.
الجريمة الرياضية.. إبادة اللاعبين وتدمير الملاعب
ولفت أبو الياسين إلى أن الجرائم الإسرائيلية لم تتوقف عند حدود القتل والتدمير، بل امتدت لتمس القلب النابض للشعب الفلسطيني: الرياضة. وذكر أن أغلب لاعبي المنتخبات الفلسطينية، الذين كانوا يمثلون أمل شعبهم وأحلامه، قد تم إبادتهم بشكل ممنهج، بينما دُمرت المرافق والمنشآت الرياضية في غزة عن بكرة أبيها، في جريمة هي الأبشع في تاريخ الرياضة العالمية. وأكد أن الفيفا، الذي يفترض أن يكون حارسًا للعبة وحاميًا للملاعب واللاعبين، يقف عاجزًا ومتخاذلاً أمام هذه الجريمة، مما يجعله شريكًا في الإفلات من العقاب. ونوه إلى أن تدمير البنية التحتية الرياضية هو جزء من استراتيجية التطهير العرقي، بهدف محو أي أثر للحياة والكرامة والإرادة الفلسطينية.
الصحة في غزة.. نظام منهك وجراح لن تندمل
وتابع أبو الياسين موضحًا حجم الكارثة الإنسانية التي تعزز ضرورة فرض العقوبات. وأشار إلى تقارير منظمة الصحة العالمية التي تكشف أن ما يقرب من 42 ألف شخص في غزة، بينهم أكثر من 10 آلاف طفل، يعانون من إصابات تغير حياتهم إلى الأبد، في حين أن النظام الصحي منهار تمامًا. وذكر أن آلاف الحالات تحتاج إلى بتر الأطراف ورعاية نفسية عميقة، بينما تلد عشرات النساء في العراء دون رعاية طبية. وحذر من أن منع إسرائيل لأسطول المساعدات الإنسانية، بما فيه من إمدادات طبية وأطراف صناعية، هو جريمة حرب بحد ذاتها، وجزء من استراتيجية التجويع والإبادة الجماعية. ووصف الموقف الدولي بالـ “المخزي” لسماحه بحدوث هذه الكارثة الإنسانية تحت سمعته وبصره.
وختم أبو الياسين بيانه الصحفي قائلاً: كفانا مواثيق وندوات وتنديدات على ورق لا تسمن ولا تغني من جوع. لقد انكشف النظام العالمي الزائف، وسقطت أقنعة الحياد والموضوعية. الفيفا والمنظمات الدولية لم تعُد سوى أذرع للهيمنة، تتحرك حين تشاء وتتوقف حين تُؤمر. إن ازدواجية المعايير في تعاملهم مع روسيا وإسرائيل هي برهان ساطع على موت الضمير العالمي. إن الدم الفلسطيني الذي يسيل على أرضه ليس أرخص من الدم الأوكراني، واللاعب الفلسطيني الذي قُتل حلمه ليس أقل قيمة من اللاعب الروسي الذي مُنع من اللعب. إلى كل من يقف متفرجًا، نقول: التاريخ سيسجل أنكم وقفتم في الصف الخطأ. الرياضة الحقيقية هي التي تقف مع الإنسان، مع الحق، مع الحياة. أما من يقف مع الجلاد، فليس من الرياضة في شيء. لقد آن الأوان لأن تتحرك الضمائر الحية في العالم لفرض عقوبات فورية على إسرائيل، بدءًا من تعليق عضويتها في الفيفا، ووقف توريد السلاح، ومقاطعة كل من يدعم هذه الآلة الصهيونية الإجرامية. فلسطين لن تموت، وستنتصر إرادة الحياة على ثقافة الموت.
الفيفا يدفن ضميره .. عزل روسيا ودعم إسرائيل في إبادة غزة!