الرشوة تسفه الحليم وتعمي عين الحكيم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين غمرنا برّه وإنعامه، وتتابع علينا فضله وإحسانه، خلقنا ورزقنا وهدانا وعلمنا، وكفانا وآوانا، ومن كل خير أعطانا، أحمده كما ينبغي له أن يُحمد، وأشكره فقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أرسل الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أمرنا بالمعروف، ونهانا عن المنكر، وأحل لنا الطيبات، وحرم علينا الخبائث، ووضع عنا الآصار والأغلال التي كانت على من قبلنا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن الرشوة وعن أضرارها علي الفرد والمجتمع، ولما كانت الرشوة على تبديل أحكام الله تعالى إنما هي خصلة نشأت عند اليهود المستحقين للعنة الله تعالى وغضبه وعذابه.
كما حكى القرآن عنهم كان من تخلق بها من أهل الإسلام متصفا بأخس أوصاف اليهود، مستحقا للعنة الله تعالى وغضبه وعذابه نسأل الله تعالى العافية والسلامة، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فإذا إرتشى وتبرطل على تعطيل حد ضعفت نفسه أن يقيم حدا آخر، وصار من جنس اليهود الملعونين، وأصل البرطيل هو الحجر المستطيل سمّيت به الرشوة لأنها تلقم المرتشي عن التكلم بالحق كما يلقمه الحجر الطويل، كما قد جاء في الأثر إذا دخلت الرشوة من الباب خرجت الأمانة من الكوة” والأثر الذي ذكره شيخ الإسلام هو في الزهد للإمام أحمد ومن كلامهم “البراطيل تنصر الأباطيل” وقال كعب الأحبار ” الرشوة تسفه الحليم وتعمي عين الحكيم” وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخلقين بقبول الرشوة أخذا أو عطاء أو توسطا.
كما روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما فقال “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي” وفي رواية للإمام أحمد من حديث ثوبان رضي الله عنه قال “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش يعني الذي يمشى بينهما” رواه أحمد، وقال أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى “الرشوة هي كل مال دفع ليبتاع به من ذي جاه عونا على ما لا يجوز، والمرتشي هو قابضه، والراشي هو دافعه، والرائش يوسط بينهما” ومهما تعددت أساليب الرشوة، وسميت بغير إسمها فإن ذلك لا يغير من حقيقتها شيئا فهي سحت يبني بها صاحبها جسده وأجساد أحب الناس إليه أهله وأولاده، وكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به، وإن الرشوة هي الرشوة ولو سُميت هدية أو مكافأة أو حلوانا أو غير ذلك، ولو قُدمت مالا أو متاعا.
أو حتى قضاء حاجة لا تحل لصاحبها مقابل أن يقضي له حاجته، فكل ذلك لا يخرجها عن مسمّى الرشوة، ولا يرفع الإثم الحاصل بسببها، وظن كثير من الناس أنها لا تكون إلا في الأموال ظن خاطيء أدى إلى احتيالهم على الشرع بطرق شيطانية للخروج من إثم الرشوة ليقعوا فيها بطرق أخرى مع إثم إحتيالهم على الأحكام الشرعية، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ” وأما إستحلال السحت باسم الهدية وهو أظهر من أن يذكر كرشوة الحاكم والوالي وغيرهما فإن المرتشي ملعون هو والراشي لما في ذلك من المفسدة ومعلوم قطعا أنهما لا يخرجان عن حقيقة الرشوة بمجرد اسم الهدية، وقد علمنا وعلم الله وملائكته ومن له إطلاع على الحيل أنها رشوة” وقد ذكر العلماء أن الرشوة هي ما يعطيه الشخص للحاكم وغيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد”
الرشوة تسفه الحليم وتعمي عين الحكيم