الرئيسيةاخبار عربيةالتعليم حق لا يُسقط بالإقامة: موقف من طرد التلاميذ الأجانب من المدارس الليبية
اخبار عربية

التعليم حق لا يُسقط بالإقامة: موقف من طرد التلاميذ الأجانب من المدارس الليبية

التعليم حق لا يُسقط بالإقامة: موقف من طرد التلاميذ الأجانب من المدارس الليبية

التعليم حق لا يُسقط بالإقامة: موقف من طرد التلاميذ الأجانب من المدارس الليبية

هانيبال الصغير

بنغازي – 7 – 10 – 2025  

 

شهدت الأسابيع الماضية موجة من الشكاوى والاستنكار عقب ورود أنباء مؤكدة عن نية وزارة التعليم الأساسي في ليبيا طرد التلاميذ الأجانب من المدارس العامة، لا سيما أولئك الذين لا يحمل أولياؤهم إقامات قانونية سارية. وقد أثارت هذه الخطوة حالة من القلق في الأوساط الحقوقية والاجتماعية، لما تمثله من تحدٍ واضح للمعايير الدولية والتزامات ليبيا القانونية في مجال حقوق الإنسان، وبالأخص حقوق الطفل

هل هو ؟ إجراء إداري أم مساس بحق إنساني 

ان هذه الخطوة للوهلة الأولى تراه إجراء إداري مرتبط بتنظيم شؤون الإقامة والهجرة، غير أنها في جوهرها تمس أحد أكثر الحقوق الإنسانية قدسية — حق الطفل في التعليم فالطفل، وفقاً للمواثيق الدولية، لا يُسأل عن الوضع القانوني لوالديه، ولا يجوز تحميله تبعات تتصل بإقامتهم أو جنسياتهم أو ظروفهم القانونية وبالتالي، فإن حرمانه من التعليم يمثل تمييزًا مباشرًا يخالف روح العدالة ومبادئ الإنصاف التي التزمت بها الدولة الليبية منذ انضمامها إلى عدة اتفاقيات دولية ذات صلة ، و ان اي مخالفة لها من شأنه وضع الدولة في مواجهة جموع إن احتكمت للقضاء حملت الدولة حملا اضافياً يرتقي للتعويض و محاسبة المسؤولين الغير مدركين لمغبة قراراتهم و هذا ما يدفعنا للحديث عن المرجعيات القانونية والدولية للإجراء لا سيما بعد توزيع ( تعهد باكمال الاجراءات او الطرد على التلاميذ و الطلاب ) 

لقد انضمت ليبيا إلى اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، والتي تنص في مادتها الثامنة والعشرين على أن “تقر الدول الأطراف بحق الطفل في التعليم، وتكفل إلزامية ومجانية التعليم الابتدائي للجميع دون تمييز” كما وقّعت على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (1990)، التي أكدت على وجوب تمكين أبناء العمال المهاجرين من الحصول على التعليم الأساسي دون النظر إلى الوضع القانوني لأسرهم ويضاف إلى ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966)، الذي ينص في مادته الثالثة عشرة على أن “يُقرّ التعليم بوصفه حقًا للجميع، ويجب أن يكون متاحًا دون تمييز”

هذه المواثيق جميعها تشكل التزامًا قانونيًا على الدولة الليبية، وليست مجرد توصيات أخلاقية. فالمصادقة عليها تُلزم السلطات بمواءمة سياساتها الداخلية مع مقتضياتها، سواء في التشريع أو التنفيذ و هناك ايضاً المرجع الوطني و هو حكم المحكمة العليا الليبية ، لم يقتصر التأكيد على هذا المبدأ على النصوص الدولية فحسب، بل جاء أيضًا في حكم المحكمة العليا الليبية في الطعن الدستوري رقم (57/1 ق) الصادر بجلسة 23 ديسمبر 2013، والذي نصّ بوضوح على وجوب احترام الدولة للحقوق الأساسية لكل من يقيم على أراضيها، دون تمييز بسبب الأصل أو الوضع القانوني وهو ما يجعل أي قرار بالحرمان من التعليم مخالفًا للدستور الليبي وروح العدالة الاجتماعية التي يقوم عليها.

الأبعاد الاجتماعية والإنسانية لهذه القرارات الغير مدروسة 

إن التعليم ليس مجرد خدمة تقدمها الدولة، بل هو أداة للاندماج والتعايش الاجتماعي. فحرمان فئة من الأطفال من مقاعد الدراسة يعني دفعهم قسرًا إلى الهامش، وإنتاج جيل من المهمشين بلا فرص أو أفق، ما يهدد التوازن الاجتماعي والأمن المجتمعي مستقبلاً كما أن هذا الإجراء، إن نُفذ، سيترك آثارًا نفسية وإنسانية بالغة على الأطفال الذين تربطهم بالمدارس صداقات وعلاقات ممتدة مع أقرانهم، ليجدوا أنفسهم فجأة خارج النظام التعليمي، دون ذنب ارتكبوه

دعوة لرؤية بديلة و لخيار ثالث افضل خيار 

بدلاً من تبني سياسة الإقصاء، يمكن لوزارة التعليم أن تتجه إلى إعادة صياغة استراتيجيتها للتعليم الأساسي بحيث تضمن حق التعليم للجميع، مع وضع آليات تنظيمية تراعي الواقع القانوني للأسر الأجنبية، دون المساس بحقوق أطفالهم كما يمكن للدولة، بالتعاون مع المنظمات الدولية، إيجاد برامج دعم تعليمية مخصصة للأطفال غير النظاميين قانونيًا، تحفظ لهم حقهم في التعلم وتنسجم مع التزامات ليبيا الدولية و تحمل المجتمع الدولي المسؤولية 

اخيراً إن حق الطفل في التعليم ليس منّة من الدولة، بل هو حق أصيل لا يجوز مصادرته أو ربطه بالإقامة أو الجنسية.

وليبيا، التي كانت دائمًا رائدة في دعم القضايا الإنسانية والعدالة الاجتماعية، مطالَبة اليوم بأن تؤكد التزامها العملي بهذه القيم، عبر احترام المواثيق التي وقّعت عليها، وضمان أن تبقى مدارسها مفتوحة لكل طفل يعيش على أرضها، دون تمييز أو إقصاء

التعليم حق لا يُسقط بالإقامة: موقف من طرد التلاميذ الأجانب من المدارس الليبية

التعليم حق لا يُسقط بالإقامة: موقف من طرد التلاميذ الأجانب من المدارس الليبية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *