الرئيسيةمقالاتمعنى المراقبة والإخلاص لله تعالي
مقالات

معنى المراقبة والإخلاص لله تعالي

معنى المراقبة والإخلاص لله تعالي

معنى المراقبة والإخلاص لله تعالي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد الله الذي أسكن عباده هذه الدار وجعلها لهم منزلة سفر من الأسفار وجعل الدار الآخرة هي دار القرار، فسبحان من يخلق ما يشاء ويختار ويرفق بعباده الأبرار في جميع الأقطار وسبق رحمته بعباده غضبه وهو الرحيم الغفار، أحمده على نعمه الغزار، وأشكره وفضله على من شكر مدرار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المختار، الرسول المبعوث بالتبشير والإنذار صلى الله عليه وسلم، صلاة تتجدد بركاتها بالعشي والأبكار، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية التاريخية، أنه أراد أحد الأساتذة الكرام أن معنى المراقبة والإخلاص والتقوى فدفع لكل تلميذ من تلاميذه دجاجة أو طائر وهو يقول فليذهب كل تلميذ وليذبح هذا الطائر في مكان لا يراه فيه أحد، فذهب كل تلميذ بطائره في مكان يغيب فيه عن أعين الناس.

 

 

حتى يذبح طائره ويعود به إلى أستاذه، ونظر الأستاذ فوجد تلميذا نجيبا جاء بطائره ولم يذبحه فقال له، لماذا لم تذبح طائرك؟ فقال يا أستاذي لقد طلبت منا أن نبحث عن مكان لا يرانا فيه أحد، وما من مكان ذهبت إليه إلا ورأيت أن الله يراني، فأين أذبحه؟ وقيل أنه كان بمدينة مرو رجل اسمه نوح بن مريم، وكان رئيس مرو وقاضيها، وكان له نعمة كبيرة وحال موفورة، وكانت له إبنة ذات حسن وجمال وبهاء وكمال، وقد خطبها جماعة من الأكابر والرؤساء وذوي النعمة والثروة فلم ينعم بها لأحد منهم، وتحير في أمرها، ولم يدري لأيهم يزوجها؟ وقال إن زوجتها لفلان أسخطت فلانا وكان له غلام هندي تقي اسمه مبارك وكان له بستان عامر الأشجار والفاكهة والثمار فقال للغلام أريد أن تمضي وتحفظ البستان، ثم أراد أن يختبره فقال له يا مبارك ناولني عنقود عنب. 

 

فناوله عنقودا من العنب، فوجده حامضا، فقال له سيده أعطني غير هذا فناوله عنقودا حامضا، فقال له سيده ما السبب في أنك لا تناولني من هذا الكثير غير الحامض؟ فقال لأني لا أعلم أحامض هو أم حلو، فقال له سيده سبحان الله لك في هذا البستان شهر كامل، ما تعرف الحامض من الحلو؟ فقال وحقك أيها السيد إنني ما ذقته، ولم أعلم أحامض أم حلو فقال له لم لا تأكل منه؟ فقال لأنك أمرتني بحفظه، ولم تأمرني بأكله، فما كنت أخونك، فعجب القاضي منه، وقال له حفظ الله عليك أمانتك، وعلم القاضي أن الغلام غزير العقل، فقال له أيها الغلام، قد وقع لي رغبة فيك، وينبغي أن تفعل ما آمرك به، فقال الغلام أنا مطيع لله ولك فقال القاضي‏ اعلم أن لي بنتا جميلة، وقد خطبها كثير من الرؤساء والمتقدمين ولا أعلم لمن أزوجها فأشر عليّ بما ترى، فقال الغلام‏‏ إن الكفار في زمن الجاهلية. 

 

كانوا يريدون الأصل والنسب والبيت والحسب، واليهود والنصارى يطلبون الحسن والجمال، وفي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الناس يطلبون الدين والتقى‏، أما في زماننا هذا فالناس يطلبون المال، فاختر من هذه الأربعة ما تريد، فقال القاضي قد اخترت الدين والأمانة، وجربت منك العفة والصيانة‏، ‏فقال الغلام أيها السيد أنا عبد رقيق، هندي أسود، ابتعتني بمالك كيف تزوجني بابنتك وترضاني؟ فقال له القاضي قم بنا إلى البيت لندبر هذا الأمر فلما صارا إلى المنزل، قال القاضي لزوجته اعلمي أن هذا الغلام الهندي ديّن تقي وقد رغبت في صلاحه، وأريد أن أزوجه ابنتي فما تقولين؟ فقالت الأمر إليك، ولكن أمضي إلى الصبية وأخبرها، وأعيد عليك جوابها، فجاءت المرأة إلى الصبية وأدت إليها رسالة أبيها فقالت مهما أمرتماني به فعلته، ولا أخرج من تحت حكمكما. 

 

ولا أعاندكما بالمخالفة، بل أبركما، فزوج القاضي ابنته بالمبارك، وأعطاهما مالا عظيما فأولدها المبارك ولدا، وسماه عبد الله، وهو معروف في جميع العالم فهو عبد الله بن المبارك صاحب العلم والزهد ورواية الأحاديث فما دامت الدنيا يحدّث عنه يروي‏، فاللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا أخرتنا التي إليها معادنا، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، اللهم ارزقنا خشيتك في الغيب والشهادة، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا.

معنى المراقبة والإخلاص لله تعاليمعنى المراقبة والإخلاص لله تعالي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *