« حين يمتحن الله القلوب تُصاغ العظمة بالصبر »
بقلم / الكاتب أحمد فارس
في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتضيق فيه صدور البشر عند أول اختبار، يبقى الصبر على البلاء هو الامتحان الحقيقي لقوّة الإنسان وإيمانه. فالحياة لم تُخلق لتكون طريقًا مفروشًا بالورود، بل ساحةً تمتحن عزائمنا وتكشف معدننا الحقيقي. إنّ الابتلاء ليس عقابًا من الله، بل رسالة إلهية خفيّة، فيها تمحيصٌ للروح واختبارٌ للإرادة، ليرى الإنسان: هل سيصمد ويؤمن، أم سيضعف وييأس؟
الصبر ليس خنوعًا، بل فنّ المقاومة الهادئة. هو تلك القوة الخفية التي تُبقيك واقفًا عندما تترنّح أرواح الآخرين. هو إيمانٌ عميق بأنّ بعد كل ليلٍ فجرًا جديدًا، وبعد كل وجعٍ فرحًا لا يُقدّر بثمن. فالعظمة لا تولد في لحظات الراحة، بل تُصنع في أتون الألم. وكل من بلغ القمم، مرّ أولًا بوادي الانكسارات.
ولنا في التاريخ أعظم الأمثلة؛ نبيّ الله أيوب عليه السلام، رمزٌ خالدٌ للصبر الجميل. فقد فقد ماله وصحته وأهله، لكنه لم يفقد يقينه بربّه، فكان صبره بابًا للفرج والرحمة. وكذلك ذاك الزوجان اللذان لم يُرزقا بأطفالٍ لعشر سنوات، بينما من حولهم أنعم الله عليهم بالبنين والبنات، لكنهما لم يجزعا، ولم يشكّا في حكمة الله، فكان اليقين طريقهما، وكان الختام رزقًا بتوأمٍ ملأ حياتهما نورًا.
الصبر لا يمنح الإنسان النجاح فحسب، بل يهبه العمق والحكمة والنضج. ومن يتقن الانتظار بصبرٍ، يتقن فنّ الحياة ذاته. فكل تأخيرٍ يحمل في طيّاته خيرًا لم نكن لندركه لولا الصبر.
رسالتي إليكم جميعًا :
الصبر على البلاء هو المفتاح الذهبي لكل نجاح، والجسر الذي يربط بين السقوط والنهوض، بين الفشل والانتصار. لا تعتبر الصبر ضعفًا، بل اعتبره أعظم أشكال القوة الإنسانية. فغدًا، وربما بعد حين، سيأتي الفرج من حيث لا تحتسب… لأنّ من صبر نال، ومن آمن انتصر، ومن وثق بربّه فاز في امتحان الحياة. اليوم وغدا وإلي الإبد….،
« حين يمتحن الله القلوب تُصاغ العظمة بالصبر »