ماتت أمي..فانطفأ نور السماء حسرةً فصرت بلا وطن
بقلم/ الكاتب أحمد فارس
في زوايا هذا العالم المزدحم، تبقى الأم هي المأوى الأول والأخير، هي الحنان والأمان والسند، وبدونها يجد الإنسان نفسه وحيدًا شريدًا بلا حضنٍ يدفئه ولا قلبٍ يحتضنه. الأم ليست مجرد امرأة أنجبتنا، بل هي المدرسة الأولى، والمعلمة الأبدية، والأب حين يغيب الأب.
حين سُئل النبي محمد ﷺ: «من أحق الناس بحسن صحابتي؟» قال: «أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك».
تلك الكلمات ليست وصية عابرة، بل ميثاق إنساني خالد، يضع الأم في قمة الفضائل وأعظم المراتب، فهي المظلّة التي تقيك حرّ الحياة، والسور الذي يصدّ عنك رياح القسوة.
الأم تُحبك بلا مقابل، وتبكي لألمك قبل أن تراك تتألم، وتفرح لفرحك أكثر مما تفرح لنفسها. تتحمّل وجع الولادة والمخاض والسهر الطويل من أجل أن تراك بخير، دون أن تنتظر جزاءً أو شكرًا، فقط تريد أن تراك ناجحًا سعيدًا.
وأنا واحدٌ من أولئك الذين ذاقوا ألم الفقد. كنتُ أحبّها حبًّا لا يوصف، كنت أستمع لنصيحتها في كل صغيرة وكبيرة، وكنت أشعر بالأمان ما دامت هي على قيد الحياة. واليوم، كلّما مرّ طيفها في ذاكرتي، أشعر أنني بحاجة إلى أن أضمّها إلى صدري ولو لثانية واحدة فقط… لكنها مشِيئةُ الله، وأنا راضٍ وقانعٌ بقدره، مؤمنٌ أن اللقاء الآخر سيكون أجمل في جنة النعيم .
أيها القارئ، إن كنتَ تملك أمًّا، فاقترب منها قبل أن يسبقك الزمن. قبّل يديها، استمع إلى حديثها، وامنحها حبّك قبل أن يسرقه القدر.
وإن كنتَ فقدتها، فاعلم أنك لم تفقد شخصًا، بل فقدت وطنك ودفء أيامك ومصدر سلامك.
فالأم ليست فصلًا في كتاب الحياة، بل هي الكتاب كلّه، وصفحاته البيضاء التي كُتبت عليها أنقى معاني الإنسانية والحب .
فاحفظ أمّك، ففي رضاها ينبتُ نجاح ومجدُ الإنسان الحقيقي.اليوم وغدًا وإلي الابد…..،
ماتت أمي..فانطفأ نور السماء حسرةً فصرت بلا وطن