الرئيسيةمقالاتحين يصمت الحقد… تتحدث كرامة الإنسان بشموخ
مقالات

حين يصمت الحقد… تتحدث كرامة الإنسان بشموخ

حين يصمت الحقد… تتحدث كرامة الإنسان بشموخ

حين يصمت الحقد… تتحدث كرامة الإنسان بشموخ

 

بقلم/ الكاتب أحمد فارس 

 

يُعَدّ التسامح اليوم أعظم امتحانٍ لإنسانيتنا، وأصدق مرآةٍ تعكس وعي الأمم ورُقيّها. إنه ليس ضعفًا أو تهاونًا كما يظن البعض، بل هو ذروة القوة الأخلاقية، لأن من يملك القدرة على العفو، يملك في الوقت نفسه مفاتيح النصر الداخلي. فالقلب الذي يعرف كيف يغفر، لا يُهزم أبدًا، والعقل الذي يترفّع عن الأحقاد يصنع حضارةً لا تُقهر. 

إن التسامح ليس مجرد شعارٍ أخلاقي، بل هو خطة بقاء وازدهار. ففي عالمٍ يزداد انقسامًا يوماً بعد يوم، يصبح الصفح فعلًا ثوريًا يعيد للإنسان إنسانيته، وللمجتمعات توازنها. حين تعفو، فأنت لا تبرّئ من أخطأ بحقك فحسب، بل تُحرّر نفسك من سجن الكراهية. فالحقد، مهما تزيّن بمظاهر القوة، لا يخلّف سوى انكسار الروح وضياع الطمأنينة، بينما التسامح يشعل في القلب ضوءًا لا ينطفئ. 

لقد علّمنا التاريخ أن العظماء لم ينتصروا بالسلاح، بل بالعقل والرحمة. فـغاندي واجه الاحتلال البريطاني بلا عنف، فانتصر بالحكمة لا بالدم. والسيد المسيح عليه السلام دعا إلى محبة الأعداء، فخلّد أعظم درسٍ في تاريخ الإنسانية. والأم تيريزا قابلت القسوة بالعطف، فأنبتت في قلوب الملايين حدائقَ محبةٍ لا تذبل. 

أيها الإنسان… في زمنٍ تملؤه الضوضاء والخصام، كن أنت الصوت الذي يصالح، لا الذي يجرّح. اغفر لتنجح، وسامح لتتحرر، وتجاوز لتبني مستقبلك. لا تدع الحقد يسرق منك نورك، ولا الأحقاد تُقيّد خطواتك. فالحياة أقصر من أن تُستهلك في الكراهية، وأجمل حين تُعاش بقلوبٍ تصنع السلام. 

أما رسالتي لكل من يقرأ هذه السطور — من طالبٍ في مقعد دراسته، إلى طبيبٍ يحمل أمانة الأرواح، إلى مفكرٍ يوجّه أمةً، إلى إنسانٍ بسيطٍ يبحث عن طمأنينة قلبه — أقول لكم:

اجعلوا التسامح أسلوب حياة.

اجعلوه ثقافةً تُعلّم أبناءنا أن القوة ليست في الرد، بل في الارتقاء.

اجعلوه ميثاقًا إنسانيًا يعيد بناء العالم الممزّق. 

فالحياة أقصر من أن تُبدَّد في الكراهية، وأجمل حين تُعاش بقلوبٍ متصالحة تعرف كيف تُحب وتغفر.

ومن يختار طريق التسامح، يبني بيديه مجده الحقيقي اليوم، وغدًا، وإلى الأبد…

حين يصمت الحقد… تتحدث كرامة الإنسان بشموخحين يصمت الحقد… تتحدث كرامة الإنسان بشموخ

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *