الرئيسيةمقالاتكندا ترفض مساواة العدالة بإرادة سياسية.. ونتنياهو يطالبها بالتراجع عن اعتقاله
مقالات

كندا ترفض مساواة العدالة بإرادة سياسية.. ونتنياهو يطالبها بالتراجع عن اعتقاله

كندا ترفض مساواة العدالة بإرادة سياسية.. ونتنياهو يطالبها بالتراجع عن اعتقاله

كندا ترفض مساواة العدالة بإرادة سياسية.. ونتنياهو يطالبها بالتراجع عن اعتقاله

 

بقلم: ابو الياسمين 

 

في ظل عهودٍ طوال من الإفلات من العقاب، وانعدام المحاسبة، وغياب العدالة الدولية التي وقفت عاجزةً أمام انتهاكات مستمرة وقتلٍ منهجي استمر لعقود، استفاقت أخيرًا ضمائر الإنسانية من سباتها. عندما خرجت دول من بين 193 دولة في العالم، لتقتفي أثر “جنوب إفريقيا” التي حاكمت إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية على ارتكاب أبشع الجرائم، وقضت العدالة بمحاكمة رئيس وزرائها ووزير دفاعه، صعقت أمريكا التي ظلّت تحصنهم من العقاب بفيتو الدم والقتل. فجأة، يعلو صوتٌ يستنكر “لماذا المحاسبة اليوم؟” ويخرج نتنياهو ليطلب من كندا التراجع عن تحقيق العدالة. في هذا المشهد المأزوم، يأتي رد الباحث والحقوقي المخضرم نبيل أبوالياسين ببيانٍ صحفي يفضح التناقض ويدافع عن سيادة القانون.

أبوالياسين: الطلب الإسرائيلي “سابقة خطيرة” تهدد النظام الدولي

أكد الباحث نبيل أبوالياسين أن الدعوة التي وجهتها المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية إلى كندا للتراجع عن أمر اعتقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تمثل “سابقة خطيرة” تهدد أسس النظام الدولي القائم على سيادة القانون. وأوضح أبوالياسين أن هذا الطلب ليس سوى محاولة واضحة لـ “ابتزاز الإرادة السياسية لدولة ذات سيادة”، وتحويل القضاء من سلطة مستقلة إلى أداة للتفاوض السياسي. وأضاف أن صياغة الطلب، التي جاءت وكأن تنفيذ أمر المحكمة الجنائية الدولية هو خيارٌ يمكن التراجع عنه، تُظهر استهانةً بالغة بمؤسسات العدالة العالمية. وخلص إلى أن استمرار مثل هذه الممارسات سيفضي إلى “انهيار كامل لمبدأ المحاسبة”، وسيعطي الضوء الأخضر لكل من هب ودب لارتكاب انتهاكاته بعيدًا عن طائلة القانون.

الباحث يُفنّد ادعاء “مكافأة الإرهاب” ويربطه بمسعى “إفلات من العقاب”

ردّ أبوالياسين على تصريح المتحدثة الإسرائيلية التي وصفَت اعتراف كندا بدولة فلسطينية بأنه “مكافأة للإرهاب”، قائلاً إن هذا الادعاء هو جزء من “استراتيجية إسرائيلية مُمنهجة” تهدف إلى لَفْظ أي نقد أو مساءلة في إطار معاداة السامية، بهدف إسكات الأصوات المطالبة بالعدالة. وأشار إلى أن الربط المصطنع بين الاعتراف بدولة فلسطينيـة وبين معاداة السامية هو “تحريف للحقائق” وتجنٍّ على جموع اليهود المناهضين لسياسات الحكومة الإسرائيلية. وأفاد بأن الاعتراف بدولة فلسطين، الذي تقوم به أكثر من 158 دولة، هو خطوة نحو تصحيح ظلم تاريخي وإقرار بحقٍ ثابتٍ أكدته كل الشرائع الدولية، وليس كما تروّج له الدعاية الإسرائيلية، مؤكدًا أن الهدف الحقيقي من هذه الادعاءات هو “خلق ذريعة للاستمرار في الإفلات من العقاب”.

الحقوقي يُوضح: أوامر الاعتقال تمثل انتصارًا لمبدأ “العدالة المتساوية”

ووضح أبوالياسين أن أمر الاعتقال الصادر من المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو ووزير دفاعه بتهم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، هو “ترجمة فعلية لمبدأ المساءلة العالمية” الذي لا يستثني أحدًا. وأكد أن محاولة إسرائيل المستمرة لتقويض شرعية المحكمة الجنائية الدولية، بينما قبلت بها في سياقات أخرى، هي “تجسيد صارخ لازدواجية المعايير”. وأشار إلى أن المدعي العام للمحكمة كان قد حذّر سابقًا من عرقلة المساعدات الإنسانية كجريمة حرب محتملة، وهو ما تحققه الآن في تحقيقها. وأضاف أن تمسك كندا بموقفها، ممثلاً بتصريح رئيس وزرائها مارك كارني بنعم عند سؤاله عن اعتقال نتنياهو، هو “دفاع حقيقي عن مبادئ العدالة المتساوية” ورفض للضغوط السياسية التي تريد إفراغ القانون من مضمونه.

الباحث يُؤكد على الشراكة الأمريكية في تعطيل المحاسبة الدولية

أكد أبوالياسين أن الموقف الأمريكي، ممثلًا بمعارضة الإدارة الأمريكية للتحقيقات الدولية بحق إسرائيل، يشكل “غطاءً سياسيًا” مكن إسرائيل من الاستمرار في انتهاكاتها. وأشار إلى التناقض الأمريكي الصارخ في دعمها لمحاكمة المسؤولين الروس أمام نفس المحكمة بينما ترفض تطبيق ذلك على حلفائها. وأفاد بأن التقارير كشفت عن جهود دبلوماسية أمريكية-إسرائيلية مكثفة لمنع المحكمة من المضي قدمًا في إصدار أوامر الاعتقال. وعلّق قائلاً: هذا التناقض لم يعد خافيًا على أحد، وهو يقوض مصداقية النظام الدولي برمته. ووضح أن هذا التحالف في تعطيل العدالة لا يخدم سوى ثقافة الإفلات من العقاب، ويُرسخ لمشهدٍ عالميٍّ خطيرٍ تُحدد فيه هوية الجاني مدى تطبيق القانون عليه.

وختامًا: العدالة آتية لا محالة

وختم نبيل أبوالياسين بيانه الصحفي بالتأكيد على أن مسيرة العدالة، وإن بدت بطيئة، إلا أن إرادة الشعوب المطالبة بالحرية والكرامة لا يمكن أن تُقهر إلى الأبد. وأكد أن أوامر الاعتقال، والاعترافات المتتالية بدولة فلسطين، والتحركات الشعبية العالمية، هي جميعًا “إشارات لا لبس فيها على أن جدار الإفلات من العقاب بدأ يتهاوى”. وقال إن التاريخ سيسجل أن دولًا مثل كندا وجنوب أفريقيا وقفت، تحت ضغط الضمير العالمي، في الجانب الصحيح من التاريخ، بينما سجلت أخرى موقفها الداعم للاحتلال والقتل. واختتم بالقول: لقد آن الأوان لأن تنتصر العدالة كقيمة عالمية، لا كسلعة سياسية تُمنح لبعض وتُحجب عن آخرين. فالحق سيلاحق مجرمي الحرب، حيثما كانوا، ولن تنجيهم أي حصانات مزعومة من حساب الشعب والقانون.

كندا ترفض مساواة العدالة بإرادة سياسية.. ونتنياهو يطالبها بالتراجع عن اعتقاله

كندا ترفض مساواة العدالة بإرادة سياسية.. ونتنياهو يطالبها بالتراجع عن اعتقاله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *