الرئيسيةاقتصاد🏛️ صرح الحضارة.. المتحف المصري الكبير إرث وشراكة
اقتصاد

🏛️ صرح الحضارة.. المتحف المصري الكبير إرث وشراكة

🏛️ صرح الحضارة.. المتحف المصري الكبير إرث وشراكة

كتب: محمد عابدين الرعمي 

المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع ثقافي؛ إنه شهادة حضارية بدأت فكرتها عمليًّا منذ مطلع الألفية الجديدة، وتمّت على مراحل من التخطيط والتعاون الدولي. المبنى الضخم على هضبة الجيزة صُمم ليجسد فخامة التاريخ المصري، ويعرض أكثر من مئة ألف قطعة أثرية تمثل امتداد الحضارة المصرية من عصور ما قبل التاريخ حتى العصر القبطي، مع تحويل معروضاتٍ كثيرة إلى عرض مُوّحد وبيئة حفاظية متطورة تليق بمكانة هذه الكنوز. 

اختيار مكان المتحف قرب أهرامات الجيزة يؤكد الرؤية السياحية والاستراتيجية للمشروع؛ فالمتحف يقع على بعد دقائق بالسيارة من أقدام الأهرامات، ما يجعله مركبًا هامًا في تجربة الزائر الدولية والمحلية. التصميم المعماري والممرات العريضة والسلالم الكبرى وواجهات العرض صممت لتسهيل تدفق الجماهير وتوفير تجربة متكاملة بين مشاهدة الآثار وقراءة تاريخها باستخدام عناصر تكنولوجية تفاعلية ومعارض موضوعية تُبيّن جوانب الحياة والملك والديانة عبر العصور. 

 ومن أهم أسباب الاهتمام الدولي بالمتحف هو احتواؤه على مجموعة الملك توت عنخ آمون الكاملة، التي تضم آلاف القطع الذهبية والمجوهرات والأواني الجنائزية التي نقلتها فرق الترميم والعرض إلى صالات مخصّصة ضمن متحف ذي بيئة حفظية عالية التقنية. عرض هذه المجموعة بشكل متكامل يضع المتحف في مصاف مؤسسات عالمية ذات ثقل، ويعزز قدرة مصر على استقطاب أعداد سياح أكبر، إضافة إلى كثير من القطع الأثرية النادرة الأخرى مثل مقصورة الملكة حتب هِفِرس ولهبُوت وألواح خشبية وسفن شمسية تم ترميمها لعرضها. 

 كما يمتد المشروع على مساحة هائلة تقارب نصف مليون متر مربع، بمساحات بنائية وعرض كبيرة محُسّبة لتمكين المتحف من استضافة صالات دائمة ومؤقتة ومرافق تعليمية وبحثية ومركز للحفظ والصيانة ومتحف للأطفال، فضلاً عن خدمات سياحية متكاملة. تمويل المشروع كان نتاج شراكات دولية ومحلية، وكان لليابان دور بارز في تمويل كبير عبر قروض ميسرة ومساعدة فنية من منظمات دولية، ما سمح بإنجاز مشروع بهذا الحجم مع آليات تمويل طويلة الأجل. 

إن الآثار الاقتصادية للمتحف على قطاع السياحة ستكون ملموسة: المتحف ليس فقط وجهة عرض آثار، بل مركز جذب سياحي يُكمل تجربة زيارة أهرامات الجيزة ويطيل مدة إقامة السائح في القاهرة والجيزة، الأمر الذي يعزز الفنادق والخدمات والنقل والتجارة المحلية. إضافة إلى ذلك، يُوفّر متحف الحضارة فرص عمل مباشرة وغير مباشرة عبر سلاسل القيمة في السياحة والترميم والبحث والتعليم، ويُعزّز مكانة مصر كمركز ثقافي إقليمي يجمع الباحثين والمختصين والزوار من كل أنحاء العالم. 

 اضافة لذلك أن قيمة المتحف الرمزية لا تقل عن قيمته المادية؛ إنه رسالة للعالم بأن مصر تحفظ ماضيها وتُعيد عرضه بعناية علمية عالية، وتُسهم في بناء سرد حضاري متوازن يستند إلى البحث والترميم والمعرفة. افتتاح المتحف (الذي شهد مراحل افتتاح جزئية ثم إعلان مواعيد نهائية متأخرة في 2025) سيمثل لحظة تاريخية تعيد تموضع القاهرة على خريطة متاحف العالم وتمنح أجيالًا جديدة فرصة رؤية كنوز لم تكن متاحة عرضًا بهذه الشمولية سابقًا.

🏛️ صرح الحضارة.. المتحف المصري الكبير إرث وشراكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *