الحياة الإنسانية والفساد المادي والمعنوي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله وكفى، وما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى خاتم الأنبياء والمرسلين وشفيعنا يوم الدين، وعلى آله وصحبه وسلم، ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن أمور البيئة، أما العناية بالبيئة من خلال التعاليم والأحكام الإسلامية، وكذلك النهي عن الفساد والإفساد في الأرض والبر والبحر، وهو فساد يشمل الفساد المادي نتيجة التلوث وتغير طبيعة العناصر المحيطة بالحياة الإنسانية، والفساد المعنوي، نتيجة الظلم والطغيان والعصيان، وكما ذكرت آيات القرآن الكريم بعض أنواع الطيور المتواجدة في البيئة المحيطه بالإنسان ومن الطيور التي ورد ذكرها هو الغراب والهدهد والذبابة والبعوضة والنحلة، ومن الحشرات النملة والثعبان، والحية، والجراد، والقمل وهي حشرة تأكل السنبلة وهي غضة قبل أن تخرج.
ويسميها بعض الناس النطاط، ويذكر لنا القرآن أن الطيور والدواب أمم أمثالنا، والبحركذلك من مفردات البيئة التي حدثنا عنها القرآن، وهكذا حدثنا القرآن الكريم عن كل مفردات الطبيعة التي هي عناصر البيئة المحيطة بالإنسان، ونلاحظ أن بين كل عناصر البيئة توازنا دقيقا محكما إذ إن كل شيء في هذا الكون مخلوق بمقدار، وبحكمة ولغاية، ومحسوب بحساب دقيق، ولو كانت الشمس أكبر حجما مما هي، أو أشد حرارة، أو كانت أقرب إلى الأرض، لإحترق كل ما على وجه الأرض ولو كانت أصغر، أو أقل حرارة، أو أبعد مما هي عليه الآن، لبردت الأرض، وتعذرت فيها الحياة ولو كانت الأرض تدور حول نفسها، أو حول الشمس أسرع أو أبطأن لحدث مثل ذلك أيضا، ولو كان القمر أقرب إلى الأرض، أو أكبر حجما، لارتفع المد الذي يحدثه في حياة المحيطات.
بحيث يغمر الأرض كل يوم مرتين، ولو كان الأكسجين نسبته أقل ولو كان ثاني أكسيد الكربون نسبته أقل أو أكثر، لانعدمت الحياة، ولم يكتفي القرآن بأن يحدثنا عن البيئة، وإنما طالبنا بالمحافظة عليها، وعدم الإفساد فيها، فقال تعالى ” ولا تعثوا في الأرض مفسدين ” والفساد هنا لا يقتصر على الفساد المادي بتلويث الهواء والماء والتربة وغيرها، وإنما يشمل الفساد المعنوي، أي بالمعصية وتجاوز الحد، والإسراف والظلم من الإنسان، وأما السنة النبوية الشريفة فقد عنيت بالبيئة عناية فائقة، موازية لعناية القرآن الكريم بها من عدة زوايا، ومنها زاوية الدعوة إلى الغرس والزرع، والعناية بالخضرة من ذلك ما جاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة ”
ومنها زاوية الدعوة إلى إحياء الأرض بالزرع والإنبات وغير ذلك، كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من أحيا أرضا ميتة، فهي له” والأرض الميتة هي الأرض البور، التي لا زرع فيها ولا بناء، سماها الحديث ميتة للإشارة إلى أن الأماكن والأراضي تموت وتحيا، كما يموت الإنسان ويحيا، وموت الأرض إنما يكون بتركها بوارا، وحياتها تكون بحرثها وإنبات الزرع، وغرس الشجر، وإقامة الدور والأبنية، ونقل ابن حجر في الفتح عن القزاز قال الموات الأرض التي لم تعمر شبهت العمارة بالحياة، وتعطيلها بفقد الحياة، وإحياء الموات أن يعمد الشخص لأرض لا يعلم تقدم ملك عليها لأحد، فيحييها بالسقي، أو الزرع أو الغرس، فتصير بذلك ملكه، ومنها زاوية النظافة، وإبعاد الأذى عن طريق الناس مثل قوله صلى الله عليه وسلم ” الإيمان بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان”
الحياة الإنسانية والفساد المادي والمعنوي


