الرئيسيةمقالاتثواب الصبر على حبس النفس وكظم الغيظ
مقالات

ثواب الصبر على حبس النفس وكظم الغيظ

ثواب الصبر على حبس النفس وكظم الغيظ

ثواب الصبر على حبس النفس وكظم الغيظ

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له من يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية أنه كان إبراهيم بن أدهم يسأل أصحابه عن سعر المأكولات؟ فيقول إنها غالية فيقول أرخصوها بالترك وقال سهل الأكول مذموم في ثلاثة أحوال، إن كان من أهل العبادة فيكسل، وإن كان مكتسبا فلا يسلم من الآفات، وإن كان ممن يدخل عليه شيء فلا ينصف الله تعالى من نفسه ولن يكون ما يبذله المؤمن المتقي من عرض هذه الحياة الدنيا ضائعا ولا مقطوعا فعنه ينشأ الأجر الأوفى في الدار الأبقى، فعن ثوبان قال، قال رسول االله صلى الله عليه وسلم ” من يكفل لي أن لا يسأل الناس شيئا، وأتكفل له بالجنة؟ 

قال ثوبان أنا، فكان لا يسأل أحدا شيئا، واعلموا أنه تحل السكينة والطمأنينة حيثما حل المرء وهو يقابل السيئة بالحسنة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد الله إلا رفعه الله ” وإن أرباب هذه السجية قد ارتقوا مرتبة عظيمة لا يرتقي إليها من عباد الله إلا من إمتلك زمام نفسه وقسرها على ذلك إذ فيه خيره وسعادته في الآجلة وصلاح أمره العاجلة، والأمر مشهود ومجرب، وقد جاء في وصف النبي صلى الله عليه وسلم “لا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر” ولقد تركز في النفوس غريزة حب الإنتقام والتشفي والإنتصار للنفس، فمن خالف هواه وأخذ بتوجيه مولاه وقابل السيئة بالحسنة فتح له باب رحمة وسكينة وسعادة ودخل في حظيرة من رفعهم رب العزة إذ يقول ” وما يلقاها إلا الذين صبروا” 

وما يرتقي إلى هذه المرتبة العظيمة إلا من صبر على حبس النفس وكظم الغيظ وإحتمال المكروه حيث قال تعالي ” وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ” أي ذو حظ وافر من السعادة في الدنيا والآخرة ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ” أي فرق عظيم بينهم، ولكن ادفع بالتي هي أحسن، أي من أساء إليك فادفعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر رضي الله عنه ما عاقبت من عصى االله فيك بمثل أن تطيع االله فيه، وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في تفسير هذه الآية أي ” أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم ويقول تعالي ” وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ باالله” أي إن شيطان الإنس ربما ينخدع بالإحسان إليه، فأما شيطان الجن فإنه لا حيلة فيه إذا وسوس إلا الإستعاذة بخالقه.

الذي سلطه عليك، فإذا إستعذت بالله ولجأت إليه، كفه عنك ورد كيده، وقد كان رسول االله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يقول “أعوذ باالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ” وقال ابن كثير وقد قدمنا أن هذا المقام لا نظير له في القرآن إلا في قوله تعالي ” خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ” وقوله تعالي ” وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم” وقوله تعالي “ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون ” وقوله تعالي ” وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ” لأن الإعراض عن الجاهل وتركه أخف على النفس من الإحسان إلى المسيء فتتلذذ النفس من ذلك ولا إنتقاد له إلا بمعالجة ويساعدها الشيطان في هذه الحال، فتنفعل له وتستعصى على صاحبها، فتحتاج إلى مجاهدة وقوة إيمان.

فلهذا أكد ذلك ها هنا بضمير “فاستعذ بالله ” فإنه الفصل والتعريف باللام فقال “هو السميع العليم” ويقول ابن حبان البستي ” فإن جهل عليك جاهل فلينفعن إياك حلمك وإنك إذا لم تحسن حتى يحسن إليك فما أجرك وما فضلك على غيرك فإذا أردت الفضيلة فأحسن إلى من أساء إليك واعف عمن ظلمك وانفع من لم ينفعك وانتظر ثواب ذلك من قبل االله فإن الحسنة الكاملة التي لا يريد صاحبها عليها ثوابا في الدنيا، وأخيرا أسأل الله بأسمائه الحسنى أن يجعلني وإياكم من الذين طابت أقوالهم وأعمالهم ونفوسهم وأسأل الله أن يجعلنا وذرياتنا من الطيبين المطيبين، فاللهم أدخلنا دار الطيبين يا رب العالمين.

ثواب الصبر على حبس النفس وكظم الغيظ

ثواب الصبر على حبس النفس وكظم الغيظ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *