الأساليب النبوية في التعليم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاما لمن جحد وكفر، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الخلائق والبشر، الشفيع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى أصحابه ما اتصلت عين بنظر، وسمعت أذن بخبر أما بعد اعلموا أن من الأساليب النبوية في التعليم هو إيجاد الدافعية الذاتية للتعلم من خلال إشعار المتعلم بحاجته إلى العلم فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام فقال “ارجع فصلي فإنك لم تصلي، ثلاثا، فقال والذي بعثك بالحق فما أُحسن غيره فعلمني” الحديث رواه البخاري، وهكذا أوجد النبي صلى الله عليه وسلم لديه الرغبة الذاتية في التعلم، وفرق بين أن يعلمه إبتداء.
وبين أن يشعر هو بحاجته للعلم، فهذا أدعى للقبول وأعمق في التأثير، فإنها مدرسة المعلم الأول صلى الله عليه وسلم الذي قال الله فيه ” وإنك لعلى خلق عظيم” ولما سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت “كان خلقه القرآن” وقيل في وصف نبينا صلى الله عليه وسلم من رآه بداهة هابه ومن خالطه عشرة أحبه، فأعظم ما يؤثر في النفوس ويصل إلى سويداء القلوب ويلامس شغافها، هو حسن الخلق، والتحلي بالآداب الفاضلة، فإفشاء السلام، ومحبة الأنام، والرفق ولين الجانب، وطلاقة الوجه، والحلم والأناة، والهندام الحسن، آداب عالية وأساليب رائعة، لها آثار عجيبة في كسب الناس، وإقبالهم على المعلم وتقبلهم منه، وحريّ بالمعلمين والمعلمات والآباء والأمهات ومن يتولى هذه المهمة الشريفة أن يقتفي أثره ويهتدي بهديه عليه الصلاة والسلام.
ففيه الخير كل الخير، فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وتفقهوا في دينكم واقتدوا بالمعلم الأول صلى الله عليه وسلم في دعوته وتعليمه وليقم كل واحد منكم نفسه معلما لأهله ولغيرهم بقوله وفعله وليكن قدوة في أخلاقه وتصرفاته فالتعليم ليس مقصورا على المدرسة وحدها ولا المسجد وحده بل إن الحياة كلها مدرسة ومجال للتربية والتعليم، فالبيت مدرسة، والأم مدرسة، كل واحد من الناس له كفل في هذا الباب العظيم، ولا ريب أن مهمة النبي والرسول إنما هي تعليم أمته ودلالتهم على الخير حيث قال تعالى ” هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم ءاياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ” وكما قال تعالي “كما أرسلنا فيكم رسول منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون”
وخرج يوما رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه فوجدهم يقرؤون القرآن ويتعلمون فكان مما قال لهم “وإنما بعثت معلما” وقال صلى الله عليه وسلم “إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما وميسرا” ويقول معاوية بن الحكم “ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه” وفي رواية أبي داود “فما رأيت معلما قط أرفق من رسول الله صلى الله عليه وسلم” وترى الدراسات التربوية أن أفضل طرق قياس مستوى المعلم هو تقييم طلابه، ولو إعتمدنا هذه الدراسات لتوصلنا إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم مربي ومعلم، فعن طلابه وتلاميذه قال الله ” كنتم خير أمة أخرجت للناس” بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الأساليب النبوية في التعليم


