إنما الأمم أخلاق…
هنا نابل/ بقلم المعز غني
ليست الأخلاق مجرد سطور تحفظ في الكتب أو حكم تتناقلها الألسن؛ إنها الروح التي تتنفس بها المجتمعات، والميزان الذي تُوزن به قيمة الإنسان. فالعلاقات بين الناس لا تبنى على كثرة الكلام ولا على قوة الحضور، بل على القدرة على الاحتواء، وعلى ذكاء القلب قبل دهاء العقل.
نحن نعيش مع الآخرين بقدر ما نتغاضى، وننسجم معهم بقدر ما نرضى ونتسامح. العلاقات لا تختنق إلا عندما نُدخلها دهاليز التدقيق في كل حركة، والتفتيش في كل كلمة، والمحاسبة على كل تفصيل. وحين نُكثر التحقيق… تبدأ الروابط بالذبول، ثم تموت كما تموت زهرة حُرِمَت من الماء.
الابتسامة ليست مجرد عضلات تتحرك في الوجه؛ إنها عبور هادئ فوق الأحزان، وطريقة راقية نقول بها للحياة: “لن تهزميني.”
والصبر ليس استسلاماً، بل قوة صامتة ترفعنا فوق الهموم وتجعل الخطوات أثبت، والنفس أطهر.
والصمت ليس ضعفاً… إنه احترام للعقل، وإعلان أننا أكبر من أن ننجرّ وراء الحماقات.
أما الكلمة الطيبة… فهي المعجزة التي تذيب الجليد من القلوب، وتطفئ نار الكراهية دون أن تترك أثراً للحقد.
تميّز كما شئت، واترك بصمتك حيث تحب، فهذا حقك.
اكتب كما تشاء، فالقلم مساحة حرّة لا يملكها أحد غيرك، لكن إيّاك أن تجعل كلماتك سهاماً تؤذي أو تستفز.
وانتقد كيفما ترى، فالنقد بناء، لكن لا تجعل منه خنجراً يطعن الآخرين في ظهورهم.
ففي النهاية…
روعة الإنسان ليست بما يملك، ولا بما يظهره أمام الناس، بل بما يمنحه لغيره من حب، وخلق، وصدق، وإنسانية.
هذا هو الإرث الحقيقي الذي يبقى حين يرحل كل شيء آخر.
إنما الأمم أخلاق…


