الطمع وأصحاب الذهب الثلاثة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده وعبد ربه مخلصا حتى أتاه اليقين، فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله ثم أما بعد، ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن الطمع واعلموا أن الطمع شيء صعب وبشع ونهايته وخيمة ومؤلمه فمن منا يحب أن يكون جشع وطماع في في حياته فإنه لا أحد يريد ان يكون طماع أبدا ومكروه من الناس، وانظروا إلي تلك القصة التي حدثت في زمن بعيد وكيف أدى الطمع الى موت صاحبه ونهايته الوخيمة، فقد حدثت القصة في عهد نبي الله عيسى بن مريم عليهما السلام.
فقيل كان هناك ثلاثة أصدقاء يحبون بعضهم البعض متحابين يحبون بعضهم البعض وفي أثناء سيرهم تعبوا، فدخلوا إلى كهف يستريحون فيه، فوجدوا في الكهف كنزا ثمين مدفون في الأرض، ففرحوا كثيرا وحمدوا الله على هذا الكنز والرزق الذي دلهم الله عليه من حيث لا يحتسبون، فشعروا بالجوع فقال واحد منهم سوف أذهب إلى أقرب مكان لبيع الطعام حتى يحضره لهم، فذهب الرجل لإحضار الطعام والشراب وفي الطريق وسس الشيطان في اذنه قائلا يا صديقي لما لا تقتل صاحبيك فتحصل على الكنز وحدك أفضل لك وتستمتع بيه بمفردك، وسيطرت الفكرة الشريرة على عقل الرجل وتملكه الطمع والحصول على الكنز لوحده، فاخذ يقول في نفسه، إنها فكرة طيبة جيدة جدا، سوف أكون أغنى الاغنياء وأخذ يفكر في طريقة حتى يقتل بها صديقيه.
وبعد تفكير طويل قال أفضل طريقة أتخلص بها من هذين الرجلين، أن أضع لهما السم في الطعام فيأكلاه من غير أن يشعرا، فيموتا ثم أستولي واخذ الكنز وحدي، وفي نفس الوقت وسوس الشيطان لصاحبيه، وتملكهما الطمع كما تملك صاحبهما، فقال أحدهما للاخر ما رأيك لو قسم الكنز على اثنين فقط أليس ذلك أفضل وسيكون نصيب كلا منا أكبر يا صديقي ؟ فرد الثاني بطمع شديد قائلا فعلا يا صديقي لقد كنت أفكّر في هذا الأمر الآن ولكن كيف ننفذه ونتخلص من صاحبنا الثالث ؟ فرد الرجل قائلا عندما يعود صاحبنا قتلناه شر قتله دون أن يعلم، وأخذنا منه الكنز وحدنا فما رأيك، رد الأخر قائلا فكرة جيدة جدا وأنا معك، وقرر كل من الثلاثة الغدر بصاحبه لطمعه في الكنز، وعندما عاد الرجل الأول بالطعام وقد وضع فيه سمّا قاتلا، وعندما وصل إلى الكهف فقام صاحبيه.
فضربا رأسه بحجر كبير فشج راسه، فسقط ميتا، وأخذ يكلان بعدها من شدة الجوع من الطعام المسموم، فأكلا منه فماتا على الفور، ومر سيدنا عيسى عليه السلام، على المكان الذي وقعت فيه هذه الحادثة البشعة والقصة، فقال للحواريين وهم أصحابه الذين كانوا معه هذه هي الدنيا، قتلت هؤلاء الثلاثة الطامعين فيها، وبقيت من بعدهم باقيه، فويل لطلاب الدنيا ولا يبغى سواها فويل له من الدنيا وقسوتها عليه، فاللهم إهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق.
لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زادا لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين.
الطمع وأصحاب الذهب الثلاثة


