الشخص الطبيعي: كنز من الصدق والأمان
بقلم الكاتبة/ انتصار محمد صديق
الشخص الطبيعي هو ذلك الإنسان الذي يتمناه الجميع في حياتهم، لأنه ببساطة يمثل حالة نادرة من الصدق والأمان. هو شخص يترك أثرًا طيبًا في كل من يعرفه، لا يتكلف ولا يتصنع، يتعامل بفطرته السليمة ونقائه الداخلي. لا يخاف إلا الله، ذو الجلال والإكرام، ولذلك يحيا مطمئن القلب، وينال محبة من حوله دون جهد أو ادعاء.
وعندما نتأمل صفات الشخص الطبيعي، نجد أن الصدق يأتي في مقدمتها، فهو لا يعرف المراوغة ولا يجيد تزييف الحقائق، يقول الحقيقة مهما كانت، دون أن يؤذي بها أحدًا. الصدق عنده ليس سلوكًا مؤقتًا، بل أسلوب حياة يجعله واضحًا مع نفسه ومع الآخرين، فيكسب احترامهم قبل محبتهم.
وتأتي الأمانة كصفة أصيلة لا تنفصل عن طبيعته، فهو الشخص الذي يمكن الوثوق به في الغياب قبل الحضور، ولا يخون عهدًا ولا يفرط في مسؤولية. الأمانة عنده ليست مجرد التزام أخلاقي، بل قناعة داخلية تجعله حريصًا على حقوق غيره كما يحرص على حقوقه، ولذلك يشعر من حوله بالأمان في التعامل معه
أما هدوؤه، فهو انعكاس لسلامه الداخلي، لا يغضب سريعًا ولا ينفعل دون سبب، يعرف كيف يسيطر على مشاعره ويتعامل بعقل قبل العاطفة. هدوؤه لا يعني ضعفًا، بل قوة ووعي، يجعله قادرًا على احتواء المواقف الصعبة والتواصل مع الآخرين بأسلوب راقٍ ومتزن.
ويتميز الشخص الطبيعي أيضًا بحبه للناس وتعاملِه الإنساني البسيط، فهو لا يحمل ضغينة ولا يعرف الكراهية، يحترم الجميع ويتعامل معهم بود وتقدير. يمنح الحب دون انتظار مقابل، لكنه في الوقت نفسه لا يسمح لأحد أن ينتقص من كرامته، فإذا لزم الأمر يكون صورةً ممن أساءوا إليه في حدود الاحترام، حفاظًا على ذاته لا انتقامًا.
ولأن هذه الصفات لا تولد صدفة، فإن الطريق لأن نصبح أشخاصًا طبيعيين يبدأ بالصدق مع النفس قبل الآخرين، وبالحرص على الأمانة في القول والفعل، وبالتحلي بالهدوء في المواقف المختلفة، وبالتعامل مع الناس بحب واحترام دون إفراط أو تفريط. فالشخص الطبيعي ليس مثالًا خياليًا، بل إنسانًا اختار أن يكون سويًّا في زمن كثرت فيه الأقنعة.
الشخص الطبيعي: كنز من الصدق والأمان


