الرئيسيةمقالاتحباة تحت الكبري 
مقالات

حباة تحت الكبري 

حباة تحت الكبري 

 

 

 

 

 

 

 

حباة تحت الكبري 

بقلم: وليد وجد

 

تحت الكوبرى كان يا مكان

تحت الكوبري، بعيدًا عن أعين المارّة وضجيج السيارات، يعيش عالم كامل نابض بالحياة، عالم من القصص والحكايات اليومية التي لا تُكتب كثيرًا، لكنها تُعاش بكل تفاصيلها. هنا تختلط المعاناة بالأمل، ويصبح السعي وراء لقمة العيش هو العنوان الأبرز.

في الصباح الباكر، يتجمع العمال في انتظار فرصة عمل، يوم مع مهندس كريم يعرف قيمة الإنسان قبل العمل، ويوم آخر مع مقاول لا يرى سوى الأرقام والمكاسب. وجوه متعبة، لكن العيون لا تزال تحمل أملًا في رزق حلال يكفي احتياجات اليوم.

وعلى ناصية المكان، تجلس أم أحمد، بائعة الشاي بالنعناع، امرأة قوية تتحمل ما يفوق طاقة الرجال. تعد أكواب الشاي بحب وصبر، وتجري طوال اليوم لتوفير لقمة العيش لأطفالها، لتصبح كوباية الشاي هنا أكثر من مجرد مشروب، بل جرعة صبر ودفء إنساني.

ولا يبتعد كثيرًا عم عبده، صاحب الجراش، رجل يعرف معنى الجدعنة الحقيقية، تكفّل بتربية ثلاث فتيات بالتبني، ليؤكد أن الرجولة ليست كلمات تُقال، بل أفعال تُمارس في أصعب الظروف.

وتتنوع مصادر الرزق تحت الكوبري، فهنا عبده كبده يقدم سندوتشات الفينو والبلدي، وبجواره عم شحاتة بعربته البسيطة يبيع الفول الساخن والبيض والباذنجان، أكلات شعبية تشبع بطون الغلابة قبل أن تشبع قلوبهم.

ولا تخلو الصورة من أصحاب الحرف، مثل الأسطى أحمد الميكانيكي، الذي حول سيارة قديمة إلى ورشة متنقلة، بخبرة سنوات طويلة تفوق في قيمتها أحدث الأجهزة. كما نجد عم عبد الله سائق التاكسي، الذي يبدأ يومه بفطور بسيط وكوب شاي قبل الانطلاق في شوارع المدينة المزدحمة.

وفي المشهد ذاته، يظهر عمال النظافة، الذين يُعدّون الركيزة الأساسية لنظافة الشوارع واستمرار الحياة اليومية، ورغم دورهم الحيوي، يظل تقديرهم أقل مما يستحقون. وبالقرب منهم يقف عم سيد، عسكري المرور، محاولًا تنظيم حركة السير وسط زحام لا يهدأ.

تحت الكوبري، لا توجد رفاهية، لكن توجد إنسانية حقيقية، وحكايات كفاح تستحق أن تُروى. إنه عالم موازٍ نمر به يوميًا دون أن نتوقف قليلًا لننظر، وربما لندرك أن الحياة الحقيقية تسكن أحيانًا في الأماكن التي نظنها عابر

كان يا مكان

حباة تحت الكبري

حباة تحت الكبري 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *