■ هنا نابل | بقلم المعز غني ■
(يتيم الوالدين)…!
غادرونا …
ورحل معهم دفء البيوت ، وسكن الصمت أركان الديار .
أصبحت الجدران باردة ، والنوافذ شاحبة ، والذكريات وحدها ما تزال تنبض بالحياة .
رحلت الأم … ذلك القلب الذي كان يتّسع للجميع ،
ورحل الأب … ذلك السند الذي كنا نستظل بظله دون أن نشعر بثقل الدنيا .
لم ولن أنسى جمال أيامٍ عشتها بين أيديهما ،
أيامًا بسيطة في شكلها ، عظيمة في معناها ،
كانت الضحكة فيها صادقة ، والخوف مؤجَّل ، والحياة أرحم .
تمرّ بنا الأيام مسرعة ، لكنهم لا يمرّون … يسكنون القلوب ، ويقيمون في تفاصيلنا ، نذكرهم عند الصباح ، وفي لحظات الضعف .
ونقف عند القبور الهادئة نحدّث أرواحًا طاهرة زكية أحببناها بصدق ، أرواحًا سبقتنا إلى أجل بعيد ، وتركَت فينا حنينًا لا يهدأ .
ربي، أجمعنا بهم في جنّتك ، حيث لا فراق بعده ، ولا وجع ، ولا دمعة شوق ، فهذه حياة فانية ولن يدوم فيها إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام .
ملخّص الحياة… كما تعلّمته من الفقد:
صحّة البدن : هي رأس مالك في الدنيا ، فإذا وهنت ، وهنت معك كل الأشياء .
الحب : لا يُستجدى ، يأتي بطبيعته ، ومن أحبّك بإخلاص لن يتخلّى عنك مهما أشتدّت العواصف .
الأصدقاء والزملاء : مواقف تُختبر عند الشدائد ، لا صور ولا إعجابات في عالم إفتراضي إسمه فيسبوك .
المال : رزق من عند الله ، أقسام تُساق ، لا تُقاس بقيمتك ولا بإنسانيتك.
السماح : قوّة القلب ، لا ضعفًا ولا نفاقًا ولا تملّقًا.
المظاهر : خدّاعة … يا مزين من برّا ، شحالك من داخل.
التجارب : تكسرك أحيانًا ، لكنها في العمق تصنعك ، تضعفك لتقوّيك.
كلام الناس : لن ينتهي أبدًا ، فأختر سلامك وأتركهم يقولون.
وفي الختام …
عندما يحلّ أجلنا ، ونغادر هذه الحياة الفانية في أيّ لحظة ،
لن نأخذ معنا سوى أثرٍ طيّب ، ودعاءٍ صادق ، وقلبٍ لم يحمل حقدًا
لذا يا ناس … أحبّوا بعضكم البعض وتمنّوا الخير لبعضكم البعض
فالحياة لا تدوم لأحد ، مهما طال العمر .
اللهم نسألك حسن خاتمتنا ، وطمأنينة عند الرحيل وجبرًا لمن فقد
وجبرًا لمن فقد ،ولقاء لا فراق بعده .
يا ربّ العالمين.
عاشق الترحال وروح الاكتشاف
يتيم الوالدين


