هل بدأ التوتر في القرن الإفريقي؟
كنب لواء دكتور/ سمير فرج
متابعه أحمد القطعاني
قال اللواء سمير فرج فجأة وبدون مقدمات أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الاعتراف بجمهورية أرض الصومال (صومالي لاند) كدولة مستقلة ذات سيادة، حيث وقع رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس الجمهورية المعلنة عبد الرحمن محمد عبد الله الإعلان المشترك بشأن اعتراف إسرائيل بصومالي لاند كدولة مستقلة.
وعلى الفور أعلنت مصر والصومال وتركيا وجيبوتي رفضهم القاطع لاعتماد إسرائيل لإقليم صومالي لاند، وشدد وزراء الخارجية الأربعة على الدعم الكامل لوحدة وسلامة الأراضي الصومالية، والرفض الكامل لأي إجراءات أحادية من شأنها المساس بسيادة الدولة.
على الجانب الآخر، جاء إعلان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عن إدانة المجلس لقرار إسرائيل بالاعتراف بما يسمى إقليم أرض الصومال (صومالي لاند)، لأن ذلك يعد تجاوزًا للقانون الدولي ويهدد الأمن الإفريقي. كذلك أعلنت منظمة التعاون الإسلامي رفضها لهذا الإجراء الإسرائيلي، وأيضًا أكد الاتحاد الإفريقي على وحدة الصومال. كما أعلن الأمين العام لجماعة الدول العربية رفضه لاعتراف إسرائيل بإقليم صومالي لاند، فيما جاء تعليق وزارة الخارجية السعودية بأن المملكة تؤيد دعمها الكامل لسيادة جمهورية الصومال ووحدتها.
أما الولايات المتحدة، فقد صرح رئيسها ترامب بأن الولايات المتحدة لن تعترف بأرض الصومال (صومالي لاند) كدولة مستقلة، حسب ما ذكرته صحيفة نيويورك بوست. وكانت صومالي لاند قد صرحت في الفترة السابقة بإمكانية منح الولايات المتحدة قاعدة عسكرية داخل أراضيها، بالإضافة إلى صفقات تتعلق بالمعادن الاستراتيجية، مقابل الاعتراف بها كدولة مستقلة ذات سيادة.
وللتعرف أكثر على إقليم صومالي لاند فهو يقع في منطقة القرن الإفريقي، وقديمًا كانت الصومال قد أعلنت استقلالها عن بريطانيا عام 1960، وقد اعتُرفت بها أكثر من 34 دولة، وهي الآن عضو في الأمم المتحدة. إلا أن الصومال تعرضت لحرب أهلية قتل فيها ما يقرب من 250 ألف مدني، حيث استولت الحركة الوطنية (SNM) على إقليم صومالي لاند وأعلنت استقلالها عام 1990. وهذا الإقليم مساحته 169 ألف كيلومتر مربع، وعدد سكانه حوالي 6.2 مليون نسمة، وعاصمته وأكبر مدنه هي هرجيسا، تضم صومالي أهم الموانئ (بربرة)، وأصبح رئيس البلاد عبد الرحمن محمد عبد الله.
يقع إقليم صومالي لاند في منطقة القرن الإفريقي على خليج عدن، تحده إثيوبيا من الغرب وجيبوتي من الشمال. وهنا يطرح التساؤل: لماذا أراد نتنياهو تنفيذ هذا القرار في هذا التوقيت؟ والاجابة على ذلك ان إسرائيل لم تنس يوم السادس من أكتوبر 1973، عندما اقتحمت القوات المصرية قناة السويس ومانع خط بارليف. وفي الساعة الثانية والربع ظهرا اعلنت مصر اغلاق مضيق باب المندب أمام الملاحة الإسرائيلية، مما أثّر على واردات النفط القادمة من إيران الي اسرائيل في ذلك الوقت، حيث كانت المسافة من إسرائيل إلى باب المندب أكثر من 2000 كيلومتر مما منع إسرائيل من التدخل عسكريا ضد القوات البحرية المصرية التي أغلقت باب المندب .
ولقد عانت إسرائيل كثيرًا خلال فترة حرب أكتوبر بسبب هذا التحدي البحري، وحين حدث مؤخرا مواجهة حماس وإسرائيل لمدة عامين، خلالها لعب الحوثيون في اليمن دورًا في التأثير على الملاحة الإسرائيلية في باب المندب. من هنا رأت إسرائيل ضرورة وجود تواجد لها في منطقة باب المندب (القرن الافريقي)، وجاءت الفرصة بالاعتراف بصومالي لاند، لتبدأ بعدها إسرائيل بتدعيمها بالمساعدات الاقتصادية والعسكرية، ثم تطلب تواجدًا عسكريًا في ميناء بربرة المطل على خليج عدن وباب المندب، لتكون قادرة على التعامل مع الحوثيين في أي اشتباكات محتملة والسيطرة على مدخل قناة السويس من الجنوب.
وتأتي الفكرة الأخرى لدى إسرائيل على اساس تهجير جزء من الفلسطينيين إلى صومالي لاند، التي يمكنها استيعاب حوالي مليون ونصف شخص من سكان قطاع غزة.
أما عن توقيت اختيار هذا القرار الان، بسبب ان نتنياهو سيدخل الانتخابات بعد أشهر قليلة، ويريد أن يثبت للشارع الإسرائيلي أنه يفكر في أمن إسرائيل وأمانها عبر تواجدها العسكري في القرن الافريقي، كما يسعى لإشغال الرأي العام العالمي عن تأجيل تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق السلام الذي تم توقيعه في شرم الشيخ، خصوصًا بعد تسليم حماس 20 رهينة وباقي الجثامين عدا جثمان واحد.
ويعتبر هذا الإجراء الإسرائيلي في منطقة القرن الافريقي هو تهديد مباشر للأمن القومي المصري خاصة اذا تم بناء أي قواعد عسكرية في صومالي لاند، مع العلم أن جيبوتي، جارتها، لديها بالفعل خمس قواعد عسكرية للولايات المتحدة والصين واليابان وإيطاليا وفرنسا. وهذه القواعد كافية لتأمين منطقة باب المندب ومنطقة القرن الإفريقي، أحد أهم الممرات الاقتصادية في العالم.
ومن المتوقع أن تقوم مصر، بالتعاون مع دول المنطقة، الصومال وجيبوتي والمملكة العربية السعودية وتركيا ودول الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، بحملة سياسية لايقاف هذا التصرف الإسرائيلي الأحادي، وتمهيدًا لعرض الموضوع على مجلس الأمن لاتخاذ قرار يمنع تنفيذ أي إجراء يهدد الأمن القومي في القرن الإفريقي، خاصة أمن وسلامة الطرق البحرية الحيوية مثل قناة السويس في اطار حمايةً مصالح دول المنطقة والعالم، والحفاظ على استقرار ممرات التجارة الدولية.
هل بدأ التوتر في القرن الإفريقي؟


