أزمة الموالد في مصر بين الموروث الشعبي والقبضة الأمنية من المسؤول
بقلم ابراهيم زايد
تعتبر الموالد في مصر جزءا أصيلا من الهوية الثقافية والدينية حيث يمتزج فيها حب آل البيت بالروحانيات الصوفية والموروث الشعبي الذي يمتد لمئات السنين إلا أن المشاهد الأخيرة في مولد سيدي علي زين العابدين وما تلاها من قرارات بشأن مولد السيدة زينب تضع علامات استفهام كبرى حول مستقبل هذه الاحتفالات والجهة المسؤولة عما يصفه المريدون بالإهانة والتضييق
مشهد زين العابدين حين يطغى الأمن على الروحانية
ما حدث في ميدان زين العابدين من إطفاء للأنوار وهدم للخدمات ورش المريدين بالمياه والتعامل الخشن من قبل قوات الأمن لم يكن مجرد إجراء تنظيمي بل اعتبره المحبون القادمون من أقصى الصعيد والدلتا صدمة غير متوقعة هؤلاء البسطاء الذين شدوا الرحال ليجدوا النفحات وجدوا أنفسهم في مواجهة عنف لم يراع قدسية المناسبة ولا مشقة سفرهم
قرارات مقيدة وتكاليف باهظة
تأتي قرارات المشيخة العامة للطرق الصوفية بشأن مولد رئيسة الديوان السيدة زينب لتزيد الطين بلة حيث تم حظر إقامة الخيام والسرادقات وحلقات الإنشاد والذكر والمظاهر الاحتفالية المعتادة مع تحديد سقف زمني للاحتفال داخل المسجد ينتهي بصلاة العشاء هذه القيود دفعت الطرق الصوفية لمناشدة المريدين باستئجار شقق سكنية مما فتح الباب لاستغلال بشع من سماسرة العقارات حيث وصلت أسعار الإيجار لمدد قصيرة إلى أرقام خيالية تفوق طاقة الدراويش والمحبين الذين يمثلون غالبا الطبقات الكادحة
أين شيخ المشايخ
يتساءل الكثيرون بحرقة أين دور السيد عبد الهادي القصبي شيخ مشايخ الطرق الصوفية بصفته شخصية مقربة من دوائر صنع القرار ورئيسا للجنة التضامن بمجلس النواب كان ينتظر منه أن يكون حائط الصد الأول والمدافع عن حقوق ملايين المتصوفة الصمت الحالي للمشيخة أمام مشاهد طرد المريدين وفرض شروط تعجيزية يضع قيادات الصوفية في موقف حرج أمام أتباعهم ويثير تساؤلات حول مدى قدرة المشيخة على استعادة هيبة العمامة الصوفية
مخاوف من الصدام الحتمي
إن استمرار سياسة التضييق والتعامل الأمني الصرف مع تجمعات بشرية ضخمة مدفوعة بالعاطفة الدينية يمثل قنبلة موقوتة فالمريد الذي يرى في المولد متنفسه الروحي الوحيد قد لا يتقبل طويلا مشاهد الإهانة أو المنع مما قد يؤدي إلى صدام مباشر بين الشرطة والمواطنين وهو سيناريو كارثي يمكن تجنبه بالتنظيم الذكي بدلا من المنع العنيف
الخاتمة
المسؤولية مشتركة ولكنها تقع بالدرجة الأولى على وزارة الداخلية في ضرورة تبني نهج الأمن الإنساني والتنظيم بدلا من التفريق القسري وكذلك المشيخة العامة للطرق الصوفية في استعادة دورها القيادي وحماية أتباعها من الاستغلال المادي والإهانة المعنوية إن آل البيت في قلوب المصريين والتعامل مع محبيهم يحتاج إلى حكمة لا إلى عصا أمنية
أزمة الموالد في مصر بين الموروث الشعبي والقبضة الأمنية من المسؤول


