الدكروري يكتب عن عوامل التربية السليمه الصالحه لبناء الأسرة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن في نطاق الغريزة بإقامة العلاقة بين الرجال والنساء على قاعدة النكاح لا السفاح واتخاذ الأخدان، وإباحة كل أنواع العلاقات المنحرفة الشاذة، بحراسة من القانون الوضعي، وتحت شعار حماية الحقوق والحريات الشخصية لأن ميدان الأسرة هو المجال الطاهر الذي يلبّى فيه نداء الفطرة، ويروى فيه ظمأ الغريزة، وتربى فيه ثمار تلك الصلة الطاهرة من أجيال الأمة تربية قويمة سالمة من أدران الانحراف، محفوظة من أوضار الضياع ومسارب البوار، وكل ذلك مما جاء به هذا الدين، وارتكزت عليه حضارته هو مما شهد بسموه ورفعته قادة الفكر ورواد العلم وكتاب التاريخ، ممن لا يعتنق هذا الدين ولا ينتسب إليه في شهادات منشورة، واعترافات مدونة، وأقوال معلومة مشهورة.
وليست حضارة المسلمين في الأندلس ومدنها إلا وجها مضيئا ولسانا صدوقا ومثالا حيا من دنيا الواقع، لم يملك من نظر إليه وعرف أبعاده إلا أن يعترف بفضله ويلهج بغنائه، ولا عجب أن تكون لهذه الحضارة هذه المنزلة فإنها ثمرة وحيٍ رباني، ونتاج دين إلهي، من لدن حكيم خبير، يعلم من خلق، ويهدي من يشاء إلى سواء الصراط، وإن من عوامل التربية السليمه الصالحه لبناء الأسرة هو حفظ الوقت والاعتناء به ويتأكد هذا الأمر في حق من اشتغلوا بدعوة غيرهم وتربيتهم، فهذا العمل يأخذ عليهم زبدة أوقاتهم، لكن الاعتناء بتنظيم الوقت والحزم مع النفس في ذلك مما يعينهم على أن يوفروا لأنفسهم قدرا من الوقت كان يضيع سدى، فيستثمروه في تربية أنفسهم والرقي بها، فإن استغلال الوقت مهارة.
وقدرة يحتاج الشاب أن يربي نفسه عليها، وليست مجرد اقتناع من الإنسان بأهمية الوقت، وكذلك فإن هناك برامج عامة يتلقاها الشاب مع إخوانه، كالدرس العلمي والمحاضرة وخطبة الجمعة واللقاءات الجماعية إلى غير ذلك، وهذه البرامج تحتاج منه إلى أن يتفاعل معها، من خلال التركيز والاستيعاب، ومن خلال أخذ النفس بالعمل والتطبيق بعد ذلك، وقد سبقت الإشارة إلى طوائف ممن كانوا يحضرون أعلى المجالس وأشرفها وهي مجالس النبي صلي الله عليه وسلم وكانوا لا يستفيدون من ذلك، بل كانت وبالا عليهم، فلابد من الجماعية في التربية الذاتية، وكيف يكون ذلك؟ فقيل أنه ينبغي أن نذكر بصفة عامة أن التنمية النفسية الصحيحة لا تتم في كيان فرد يعيش بمفرده في عزلة عن الآخرين، وفي هذه الفترة بالذات.
والتحدث هنا عن فترة الشباب الباكر وكيف يتدرب الإنسان على الأخوة إذا لم يمارس الأخوة بمشاعرها؟ مع الإخوة الذين يربطهم به هذا الرباط؟ كيف يتدرب على التعاون إذا لم يقم بهذا الفعل مع أفراد آخرين؟ كيف يتعود أن يؤثر على نفسه إذا لم يكن هناك إلا نفسه؟ إن الوجود في الجماعة هو الذي ينمي هذه المشاعر وهذه الألوان من السلوك، والشاب الذي يعيش في عزلة عن الآخرين وإن حاول أن يستقيم على المنهج السليم تنمو بعض جوانب نفسه وتظل جوانب أخرى ضامرة لأنها لا تعمل” فيا أيها الزوج، لقد تقدمت لخطبتها من بيت كانت فيه مدللة وسط إخوتها، فلا تظن أنها بحاجة لطعام أو ملبس فقط، فلا تجعلهما كل ما تقدمه لها، بل ارفقهما بالحب والاحترام حتى لا تترك شعور الندم، يتسلل إلى قلبها لأنها قبلتك.
والأيام تلح عليها بسؤال مفاده هل كنت جائعة في بيت أبي ليفعل بي هذا؟ فيا أيها الزوج، ليس من المروءة في شيء أن تذيب وجودها لتعيش أنت كما يحلو لك، ولا تنسي أن لديها أحبابا تتمنى رؤيتهم، وهم من كانوا سببا في قَبولها إياك، فلا تمنعها عنهم، فيا أيها الزوج، كلما وهبتها حبا، سكبت في آنيتك سعادة لا تنتهي، فكن سيدها وستجدها شهرزادك دائما، فيا من تحملت لأجلك الكثير، هلا أعطيتها من وقتك القليل؟ لا تجعل قدوتك كل تافه وساقط، وليكن قدوتك نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، فقد عاش مع السيدة عائشة أم المؤمنين أعظم وأطهر قصة حب وهي زوجته، فلا تظن الحب يأتيك من خارج بيتك وما أحلّ الله لك، بل لا حب سوى لامرأة هي لك وحدك، وليست لبضاعة رخيصة معروضة على طرقات المارين.