الدكروري يكتب عن الصفح وتطييب النفوس
الدكروري يكتب عن الصفح وتطييب النفوس
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن العفو هو التجاوز وترك الانتقام والصفح هو ترك التأنيب والعتاب، وقد أخبرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المؤمنين إن الله عفو كريم يحب العفو، كما علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم دعاء لطلب العفو من الله ودليل ذلك هو عن السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت ” قلت يا رسول الله إِن وافقت ليلة القدر، ما أدعوا به؟ قال، قولي ” اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني” فإن العفة هي ضبط النفس عن حب الشهوات وعمّا حرم الله تعالى، كما أن العفة تتحقق بوجود قلب سليم وبوفرة العقل ونزاهة النفس والتقرب إلى الله سبحانه، وإن الله عز وجل قد شرع لنا جبر الخواطر المنكسرة، وفى قولة تعالى فى سورة القصص ” إن الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد”
وقال مقاتل ” خرج النبى صلى الله عليه وسلم من الغار ليلا مهاجرا إلى المدينة فى غير طريق مخافة للطلب، فلما رجع إلى الطريق ونزل الجحفه عرف الطريق إلى مكة فاشتاق إليها، فقال له جبريل إن الله يقول ” إن الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ” أى إلى مكة ظاهرا عليها، ومنها قوله تعالى ” ولسوف يعطيك ربك فترضى” وجبر الخواطر وتطييب النفوس كانت له صور متنوعة، ومواقف متعددة في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فها هو صلى الله عليه وسلم يجبر خاطر أحد أصحابه لما وجده حزينا ومتألما على فقد أبيه، وقد ترك ديونا أثقلته، وفي موقف آخر ها هو صلى الله عليه وسلم يجبر خاطر أحد أصحابه ويطيب نفسه لما علم منه أنه غير جميل في صورته.
وشأنه وضيع بين الناس، ويجبر رسول الله صلى الله عليه وسلم خواطر اليتامى ويطيب نفوسهم بقوله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري “أنا وكافل اليتيم فى الجنة هكذا” وقال باصبعية السبابة والوسطى” وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يجبر خاطر كل كسير صغيرا كان او كبيرا رجلا كان او امرأة، فكان الكل يأوي إليه والكل يسعى لديه، وها هو صلى الله عليه وسلم يجبر خاطر ذلك الطفل الأنصاري الذي فقد عصفوره، فيقول له مداعبا “يا أبا عمير، ما فعل النغير” كما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر جبرا لقلوب الفقراء وإعزازا لهم عن ذل السؤال في يوم العيد وهو صلى الله عليه وسلم الذي كان يجبر قلوب الضعفاء والمساكين فكانت الجارية أو الأمَة من إماء أهل المدينة.
تأخذ بيده فتنطلق به حيث شاءت” بل إنه جبر بخواطرنا نحن الذين نحبه ونشتاق إليه، ونتمنى لقاءه ورؤيته ، فقال فيما رواه أحمد عن أنس بن مالك قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “وددت أنى لقيت اخوانى ” فقال أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، أوليس نحن اخوانك قال “أنتم أصحابى ولكن أخوانى الذين آمنوا بى ولم يرونى ” وهذا عروة بن الزبير رجع من سفر، مات ولده بالعين، وقطعت رجله بالغرغرينا، وقال لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، فسمع إبراهيم محمد بن طلحة بما حصل لعروة بن الزبير، فذهب إليه يواسيه، فقال والله ما بك حاجة إلى المشي، ولا أرب في السعي، وقد تقدمك عضو من أعضاءك، وابن من أبنائك إلى الجنة، والكل تبع للبعض إن شاء الله.
وقد أبقى الله لنا منك ما كنا إليه فقراء، من علمك ورأيك، والله ولي ثوابك والضمين بحسابك، هكذا رغب الاسلام في جبر تلك القلوب المنكسرة ومواساة اصحابها والتخفيف من آلامهم ومشاركتهم احزانهم وافراحهم، فحث على الصدقة لمساعدة الفقراء، وفرض الزكاة لتحقيق التكافل الاجتماعي بين المسلمين، وأمر بإجابة الدعوة ، وعيادة المريض، وعتق الرقاب والاصلاح بين الناس، وأمر بزيارة الارحام، وتفقد الأيتام ،وتعزية أهل المصائب.