الدكروري يكتب عن الحياة الطيبة تكون لأهل الإيمان
الدكروري يكتب عن الحياة الطيبة تكون لأهل الإيمان
بقلم- محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن الحياة الطيبة تكون لأهل الإيمان
إن عبادة جبر الخواطر هي أمر عظيم، وخلق إنساني كريم ونبيل، يدل على سلامة الصدور، وسمو النفس، ورجاحة العقل، ويجبر بها الخواطر المنكسرة وجبر الخواطر يعد من أعظم أسباب المحبة والألفة بين المسلمين، فالعديد منا معرض يوميا للإصابة بالكرب والهم، فيحتاج إلى من يجبر كسره وخاطره، ويرفع آلام الكرب من صدره فجبر الخواطر يهون على الشخص المصاب ما أهمه، ويرفع همته، ويقيل عثرته، ويأخذ باليد حتى يقف مرة أخرى على قدميه فما أجمل وأنت في أشد الآلام تحديدا أن تمتد يد العون لتسعفك، أو يصل إلى مسامع أذنك كلام يهون عليك، وإن من أراد أن يحقق السعادة في حياته فليلتزم بالأسباب التي من قام بها حصلت له السعادة والحياة الطيبة في دنياه وأخراه فعليه الإيمان والعمل الصالح، فالحياة الطيبة تكون لأهل الإيمان والعمل الصالح.
وأما غيرهم حتى وإن تمتعوا بالملذات المحسوسة فإنهم في ضيق ونكد لأن مدار السعادة على القلب وراحته وصدق من قال لبيت تخفق الأرواح فية أحب إليّ من قصر منيف، ولبس عباءة وتقر عيني أحب إليّ من لبس الشفوف، بل إن المؤمن الذي يرجو ما عند الله تعالى حتى وإن ضيق عليه في الدنيا وامتحن فيها فإنه بإيمانه وعمله الصالح يشعر بسعادة غامرة, ولهذا يذكر ابن القيم رحمه الله أنه سمع شيخ الإسلام ابن تيمية يقول إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة, وقال أيضا ما يصنع أعدائي بي؟ إن جنتي وبستاني في صدري إني رحت فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة، وكان يقول في محبسه في القلعة، لو بذلت ملء هذه القلعة ذهبا ما عدل عندي شكر هذه النعمة، ويقول وقال لي مرة المحبوس من حبس قلبه عن ربه تعالى.
والمأسور من أسره هواه ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله عذاب, ويقول ابن القيم وعلم الله ما رأيت أحدا أطيب عيشا منه مع ما كان فيه من ضيق العيش فهو من أطيب الناس عيشا وأشرحهم صدرا وأقواهم قلبا وأسرهم نفسا تلوح نضرة النعيم على وجهه، وإن السعادة الحقيقية تكون بالإحسان إلى الخلق بالقول والعمل وأنواع المعروف فإن الله يدفع به الهموم والغموم عن العبد، ويعاملك الله وفق معاملتك لعباده فقال الإمام ابن القيم رحمه الله من رفق بعباد الله رفق الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن جاد عليهم جاد عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن منعهم خيره منعه خيره، ومن عامل خلقه بصفة عامله الله بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة.
فالله لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه، وكذلك تكون السعاده بالاشتغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة مما تأنس به النفس وتشتاقه، فإن ذلك يلهي القلب عن اشتغاله بالقلق الناشئ عن توتر الأعصاب، وربما نسي بسبب ذلك الأسباب التي أوجبت له الهم والغم، ففرحت نفسه وازداد نشاطه، وتكون أيضا باجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر، وترك الخوف من المستقبل أو الحزن على الماضي، فيصلح يومه ووقته الحاضر،ويجد ويجتهد في ذلك، وكذلك بالإكثار من ذكر الله، فإن ذلك من أكبر الأسباب لانشراح الصدر وطمأنينة القلب، وزوال همه وغمه، فقال تعالى فى سورة الرعد “ألا بذكر الله تطمئن القلوب” وإن بذور السعادة وأساسها يكمن في دواخل البشر جميعا.
إلا أنهم دائمو البحث عنها خارج روحهم ونفسهم، مما يستنزف طاقاتهم من عمل وعائلة وأموال وطعام، ليستشعروها لفترة صغيرة وخاطفة، ويسعون بعدها في دوامة للحصول عليها مرة أخرى.
الدكروري يكتب عن الحياة الطيبة تكون لأهل الإيمان