الدكروري يكتب عن ذكر الموت يلين القلب
الدكروري يكتب عن ذكر الموت يلين القلب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الله سبحانه وتعالى خلق الثقلين من الجن والإنس لحكمة بالغة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى فقد خلقهم ليبلوهم أيهم أحسن عملا، فخلقهم ليعبدوه وحده لا شريك له، وليخلصوا له العبادة، وخلق الليل والنهار وجعلهما خزائن للأعمال يحصي على العبد ما له وما عليه فما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد، وهو سبحانه وتعالى القائل فى محكم التنزيل “وكل شيء أحصيناه في إمام مبين ” ولقد أمرنا نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من الإكثار من ذكر الموت، والتأهب والاستعداد لقدومه، فقال صلى الله عليه وسلم ” أكثروا من ذكر هادم اللذات ” وعندما يتذكر الإنسان الموت بشكل دائم ومستمر فإنه يزهد في هذه الدنيا، ويزهد بزينتها وبكل ما فيها، ويبادر للتوبة النصوح إلى الله سبحانه وتعالى، ويحاسب نفسه على ما قد فات.
ويؤدي إلى كل ذي حق حقه، وقد قيل أنه من أكثر ذكر الموت أكرم بثلاثة، تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوجل بثلاثة، تسويف التوبة، وترك الرضا بالكفاف، والتكاسل بالعبادة، واعلموا أن تذكر الموت لا يعني كثرة الحزن وطول النحيب مع الإقامة على التفريط، إن تذكرنا للموت يجب أن يقترن بخوفنا من سوء الخاتمة، وإن الأعمال بالخواتيم، كما في حديث ابن مسعود المتفق عليه، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” فوالله الذي لا إله غيره، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها” كما أن تذكر الموت يجعل القلب ليّنا.
ويُبعد الإنسان عن ارتكاب المعاصي والآثام، ويجعله يُقبل على الأعمال الصالحة، ففي ذكر الموت صلاح الحال والدين، ففي الصلاة مثلا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اذكر الموت في صلاتك، فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته لحري أن يُحسن صلاته، و صلى صلاة رجل لا يظن أنه يصلي صلاة غيرها، و إياك و كل أمر يعتذر منه، واعلموا أيها الناس أن هذه الدنيا مزرعة للآخرة، يفوز فيها المتقون، ويخسر فيها الغافلون، ومن حكمته سبحانه أنه لم يجعل هذه الدار للبقاء والاستمرار، وإنما جعلها دار ممر واعتبار، فالرابح من صلح زرعه، والخاسر من فسد ثمره، وكل الناس يعلم أنما هذه الحياة الدنيا ليست لحي سكنا فهي سريعة الزوال، وشيكة الإرتحال، ولقد قال الله لنبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
” وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإئن مت فهم الخالدون ” فالبقاء لله الواحد القهار، فقال تعالى ” يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار، اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب” وقد روى الترمذي وغيره، أن عثمان بن عفان رضي الله عنه، كان إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا؟ فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه” قال، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما رأيت منظرا قط إلا القبر أفظع منه”