الدكرورى يكتب عن آداب الشريعة الإسلامية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن التفرغ للعبادة ليس كما تظن أن العبادة هي الصلاة والصيام وحسب لا ولكن اجعل حياتك لله تعالي فأدي ما عليك من العبادة ومن حقوق وواجبات، ثم اضبط اخلاقك لتناسب هذه العبادة، فكن عبدا ربانيا، وكن كصاحبي مع النبي صلي الله عليه وسلم، من صحابتة الكرام، وكما يقال عرفت فاعمل، وتعلمت فالزم، واجعل حياتك لله عز وجل، واعلموا أن من آداب الإسلام أن يعود المسلم أخاه المسلم إذا مرض، ويتفقد حاله تطييبا لنفسه، ووفاء بحقه، وإن عيادة المريض من أفضل القرب إذا أريد بها وجه الله تعالى، فقد قال الله سبحانه في الحديث القدسي “يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، فقال كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
“عودوا المريض وفكوا العاني وأطعموا الجائع” رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم “إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم، لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع، قيل يا رسول الله، وما خرفة الجنة؟ قال جناها” رواه مسلم، وعليك أخي المسلم أن تنتبه ما دمت في زمن المهلة، فقدم من الأعمال الصالحة، واجتهد فيما يقربك إلى الله عز وجل، فإنه إذا جاء الأجل لا يستأخر الإنسان ساعة ولا يستقدم، فيقول تعالى “ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون” فإن نوبات المرض مفاجئة وليست بالخادعة، لكنها مباغتة، تأتينا على غير موعد منتظر على الإطلاق، هي حانية لكنها مؤلمة، هي مضعفة لكنها معلمة، تعطي دروسا في التوبة، لم نكن نفهمها إلا ونحن مرضى، وفوق كل هذا وفوق كل اعتبار وكل ظن.
لا ينبغي أن ينظر للمرض على أنه سلاح فتاك بالصحة، بالعكس فله جانبه الإيجابي جدا في أننا ونحن مرضى تتوقف بنا رحلة الحياة لنرتاح، لأن الرحلة في حد ذاتها تتعب ولديها كل الحق في أن تتعب، هذه الرحلة هي جسد الإنسان وروحه ومعنوياته وتفاعله مع المحيط، وتجاوبه مع الخير والشر، إذن حينما تتوقف الرحلة هي إشارة حمراء أن الكل تعب في تَعاطيه وانسجامه مع نواميس الحياة، الجسم منهك والروح ملت، والقلب يبلى كما يبلى الإيمان، فلا بد من تجديد في ظلام المرض، لكنه فيما بعد يحمل بشائر الخير، وأولاها استعادة الصحة والعافية أحسن من ذي قبل، فهل فعلا فهمنا معادلة المرض؟ فإن في قطار الحياة مرارة عيش نستسيغها بنوع من التحدي والمقاومة، لكن صداها أصبح لا يصل إلى العقول والقلوب، فينال منا التعب والملل واليأس.
لكنه ليس يأسا من الله بقدر ما هو يأس سببه قسوة الأحباب، لم يشفقوا على ضعفنا الذي آل بنا إلى لزوم الفراش، آهاتنا بلغت عنان السماء من الألم والحسرة والندم، لكن لم ينفع ندم بعد سقوط الأقنعة، فأي ندم نصارع وجوده بداخلنا؟ هو ندم أننا أحببنا بصدق ليس إلا، هو ندم أننا كنا ساذجين في تعاطينا مع حقيقة الحياة، لكني أعتقد أن هذا الندم مؤقت، حتى إنه ليس حقيقيا، جاء في لحظة يأس لأن المؤمن ليس له ما يندم عليه ما دام يدير طاحونة الخير بيديه الكريمتين لأنه شيء معتاد في مسيرته التي أرادها من الخير وللخير تنتمي، وباعتقادي أن رحمة المرض فوق كل اعتبار، لذا كانت هذه اللحظات رحيمة بنا، ولو أنها متعبة للقوى، كشفت كل مستور، وكشفت كل ما في بئر مشاعر الحقد والغيرة.