الدكروري يكتب عن أأنتم أنشأتم شجرتها
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن أأنتم أنشأتم شجرتها
سبحان من جعل من الشجر الأخضر نارا يابسة ملتهبة، ولأن النار من حقائق الآخرة، ونحن نؤمن بوجودها كمسلمين، لذا لابد أن نعرف أسماءها وخصائصها وصفة عذاب أهلها بغرض الحذر منها نسأل الله النجاة منها، وهذه المعرفة هي التي تورث العبد الخشية والإنابة والتذكر واليقظة من هذا المصير المروع، الذي يلقه الغافلون عن عذاب الله ووعيده، وهذه الحقائق تشمل نقاطا عديدة منها، أولا منشأ النار، حيث قال تعالى “أفرأيتم النار التي تورون، أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون” فعرفهم تعالى بالنار التي أوجدها في الأشجار، وأن الخلق لا يقدرون أن ينشئوا شجرها، وإنما الله عز وجل الذي أنشأها من الشجر الأخضر، فإذا هي نار توقد بقدر حاجة العباد، فإذا فرغوا من حاجتهم، أطفئوها وأخمدوها.
فقال الله “الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون” وثانيا أسماء النار وصفاتها، فهي دار العذاب الأبدي خلقها الله عز وجل ليجازي بها الكافرين إلى الأبد ومن شاء من العصاة إلى ما شاء، وقد تعددت أسماؤها لعظمها، كجهنم والهاوية والسعير وسقر والحطمة ولظى، وغيرها من الأسماء التي توحي بالانتقام والحنق للمجرمين، نار تناهى في الشدة لهيبها، ووسع المعذبين وفضل بعد ذلك حجمها، قعرها بعيد، وسوادها شديد، وأبوابها مؤصدة، وهي بحرها عليهم مطبقة، وعند تلاوة آيات الله بتدبر وتذكر، نجد أن وصف النار وأهلها في القرآن في شدة الهول والروع، تجد أن أهلها يقاسون صنوفا شتى من العذاب، فتارة في النار يصهرون، وتارة على وجوههم يسحبون، وأخرى بالحميم يلفحون.
قد اسودت وجوههم، وغلت بالسلاسل والأنكال أيديهم، قطعت لهم ثياب من نار، وسرابيل من قطران، طعامهم الزقوم، وشرابهم الحميم، فمن أوصافها أنها كائن حي بكل مقومات الحياة، تتحدث وتسأل وتتنفس وتطلب وتتمنى، ولو لم يأتنا هذا عن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، لقلنا ضربا من الخيال، ومن أوصافها أيضا أنها أضخم ما خلق الله، والدليل على ذلك أنها تسع حجما هو من أضخم ما خلق الشمس والقمر، ورغم هذه الضخامة والسعة المهولة، فإن المجرمين يجدون من الضيق والحبس ما يعضون عليه الأنامل من ندم التفريط في الدنيا، وتصور جسرها كيف أنه يكفي لحمل الخلائق كلهم يوم القيامة ، فكيف بجهنم نفسها؟ والنار قعرها بعيد، وعذابها شديد، والناس فيها في ظلمة وحر وعذاب شديد.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ” كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ سمع وجبة، والوجبة صوت ارتطام شديد، فقال صلى الله عليه وسلم ” تدرون ما هذا ؟ قال قلنا الله ورسوله أعلم، قال صلى الله عليه وسلم ” هذا حجر رمى به فى النار منذ سبعين خريفا، فهو يهوى فى النار الآن، حتى انتهى إلى قعرها” رواه مسلم، ويعيش الإنسان في هذه الحياة ما كَتب الله تعالي له من الأعوام والشهور والأيام، ثم يرتحل، حيث يقول الله تعالى كما جاء في سورة الأعراف ” فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون” وقال سبحانه وتعالي في سورة آل عمران ” كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور”