مقالات

الصادق الأمين في الجاهلية

جريدة موطني

الصادق الأمين في الجاهلية
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الصادق الأمين في الجاهلية

الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظلم الشهوات، وأخلص عقولهم عن ظلم الشبهات، أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة، وبراهين عظمته القاهرة، وأشكره شكر من اعترف بمجده وكماله، وإغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات، شهادة تقود قائلها إلى الجنات وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، والمبعوث إلى كافة البريات، بالآيات المعجزات، والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة، وأصحابه الفضلاء الثقات، وعلى أتباعهم بإحسان، وسلم كثيرا ثم أما بعد إن رسول الله المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم كان صادقا فهو أصدق من تكلم، كلامه حق وصدق وعدل، لم يعرف الكذب في حياته جادّا أو مازحا.

بل حرّم الكذب وذم أهله ونهى عنه، وقال صلى الله عليه وسلم ” إن الصدق يهدي الى البر، وإن البر يهدي الى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ” رواه البخاري ومسلم، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن المؤمن قد يبخل وقد يجبن، لكنه لا يكذب أبدا، وحذر من الكذب في المزاح لإضحاك القوم، فعاش عليه الصلاة والسلام والصدق حبيبه وصاحبه، ويكفيه صدقا صلى الله عليه وسلم أنه أخبر عن الله بعلم الغيب، وائتمنه الله تعالي على الرسالة، فأداها للأمة كاملة تامة، لم ينقص حرفا ولم يزد حرفا، وقد بلغ الأمانة عن ربه بأتم البلاغ، فكل صلى الله عليه وسلم قوله وعمله وحاله مبني على الصدق، فهو صادق في سلمه وحربه، ورضاه وغضبه، وجدّ وهزله، وبيانه وحكمه.

وكان صادق مع القريب والبعيد والصديق والعدو والرجل والمرأة، وصادق في نفسه ومع الناس، في حضره وسفره، وحلّه وإقامته، ومحاربته ومصالحته، وبيعه وشرائه وعقوده وعهوده ومواثيقه، وخطبه ورسائله وفتاويه وقصصه وقوله ونقله وروايته ودرايته، بل معصوم من أن يكذب، فالله تعالي مانعه وحاميه من هذا الخلق المشين، قد أقام لسانه وسدد لفظه، وأصلح نطقه وقوّم حديثه، فهو الصادق المصدوق، الذي لم يحفظ له حرف واحد غير صادق فيه، ولا كلمة واحدة خلاف الحق، ولم يخالف ظاهره باطنه، بل حتى كان صادقا في لحظاته ولفظاته وإشارات عينيه، وهو صلى الله عليه وسلم الذي يقول ” ما كان لنبي أن تكون له خائنة أعين” رواه أبو داود والنسائي، وذلك لما قال له أصحابه ألا أشرت لنا بعينك في قتل الأسير؟

بل هو صلى الله عليه وسلم الذي جاء بالصدق من عند ربه، فكلامه صدق وسنته صدق، ورضاه صدق وغضبه صدق، ومدخله صدق ومخرجه صدق، وضحكه صدق وبكاؤه صدق، ويقظته صدق ومنامه صدق، فهو صلى الله عليه وسلم صادق مع ربه وصادق مع نفسه وصادق مع الناس وصادق مع أهله وصادق مع أعدائه، فلو كان الصدق رجلا لكان محمدا صلى الله عليه وسلم، وهل يُتعلم الصدق إلا منه صلى الله عليه وسلم؟ وهل ينقل الصدق إلا عنه بنفسي هو صلى الله عليه وسلم؟ فهو الصادق الأمين في الجاهلية قبل الإسلام والرسالة، فكيف حاله بالله تعالي بعد الوحي والهداية ونزول جبريل عليه ونبوّته وإكرام الله له بالإصطفاء والإجتباء والإختيار؟

الصادق الأمين في الجاهلية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى