أفكار بصوت مرتفع
أفكار بصوت مرتفع
زينب كاظم
تحرير /منة العبد
سنتطرق في هذا المقال عن موضوع مهم ومؤلم جدا في آن واحد الا وهو الإرهاب البارد و كتعريف مبسط للإرهاب البارد :هو قتل إبداع الإنسان أو قتل راحة باله او حقن طموحه او محاربته نفسيا او حرق أجمل سنين عمره وشبابه بالنكد والظلم والتعنيف والحبس ،
وهذا النوع من الإرهاب لا يحتاج الى سلاح أبيض أو أسمر يستخدم للقتل الصريح الواضح وإنما يحتاج الى ضمير مقتول على مذبح الإنسانية وقابلية على التدمير وإنسان سادي يتلذذ بآلام الاخرين ،
وهناك أمثلة جمة على الإرهاب البارد الذي نمارسه بحق بعضنا يوميا بصورة مقصودة او غير مقصودة ،
من هذه الإمثلة معلمة او معلم يتقاعسون عن أداء واجباتهم تجاه طلبتهم والمعروف في التأريخ كله إن المعلم شمعة تحترق لتنير مستقبل الأجيال ليهدينا إنسان واعي يخدم بلده ومجتمعه لكنه للأسف نجد ذلك المعلم الفاسد ينتظر راتبه الشهري في آخر الشهر رغم إنه لا يبذل أي جهود تحلل رزقه تجاه طلابه بالإضافة الى إنه يعنفهم بدنيا ولفظيا ويجبرهم الى الإنضمام للدروس الخصوصية عنده وهو بهذا يدمر الكثير من التلاميذ والطلبة الذين لديهم طموحات وأهاليهم واضعين آمالهم فيهم لكنه بهذا فعله يقتل ذلك الطالب ببطئ ويحرق أحلام أهله ويتعب نفسيته وقد ينقطع عن الدوام بسبب ذلك المعلم السئ للأسف ،
وهناك إرهاب قاسي جدا لكن لا تسلط عليه الأضواء لأن المجتمع لا يعقله الا وهو الإرهاب البارد الذي يمارسه الأباء والامهات بحق أولادهم والسبب الذي يجعل الناس لا يصدقون وجود هذا النوع من الإرهاب إن الله أوصى في كتابه العزيز القرآن الكريم الأبناء على والديهم لأنه ومن المفترض حب الآباء والأمهات لأولادهم حبا فطريا ولا يحتاج لوصايا الهية وقد أوصى الله عز وجل بالأولاد ضمن آيات نادرة وقليلة للسبب الذي ذكرت ،
لكن هناك آباء وامهات يتصرفون بغرابة وقسوة وقلة وعي في تعاملهم مع أولادهم وذلك قد يكون بسبب البيئة التي تربوا فيها او الموروثات المجتمعية السلبية او الفهم الخاطئ للدين اذ نجد أب مثلا يتعامل بأنانية مع إبنته ويرفض تزويجها لكي تظل تعمل كخادمة في البيت له ولضيوفه في الوقت الذي لا تملك هي وظيفة أو شهادة والعمر يمشي بسرعة ولا يوجد أسرع من الأيام و هي لا تملك حتى صديقة مقربة ويمنعها حياءها عن التصريح بمعاناتها لكنها تشكو لخالقها وتبكي نارا تسقطها على خدود الليالي ،
وأحيانا نجد اما ترى وزن إبنتها الشابة قد قارب على المائة والخمسين كيلو غرام ولا تنبهها على ذلك بل وتشجعها على الأكل وبمرور الوقت تفقد تلك البنت صحتها ونفسها وجمالها وعندما تسأل الأم عن ذلك من قبل المقربين تقول أنا ام ناجحة لأن منظر إبنتي تشوه بالسمنة كي لا ينظر لها شاب ومن ثم لا تقع بالخطيئة وهذه هي الأنانية بعينها ونحن رأينا وسمعنا بمثل هذه القصة في مجتمعنا لذلك يجب أن ننوه ان ذلك واقع وليس تنظير ،
وكذلك خلال بحثنا للعائلات الشرقية وجدنا آباء يدمرون أولادهم الشباب فيحرمونهم من التعليم والسفر بل وحتى الخروج بمظهر لائق بحجة إنه لا يريده ان ينحرف او يتعرف على بنات برغم من إن الأب متعلم دراسيا لكن لا يملك وعيا وهذا ظلم كبير ،كذلك العنف ضد الطفل والسخرية من مواهبه والتنمر الذي يحدث داخل البيت من قبل الأسرة ضده هذا إرهاب بارد بل إنه ذبح بسكين السيطرة الأعمى ،
قد لا يروق ذلك للكثيرين لأن الحقائق مريرة .
وهناك عوائل يهملون قريبهم الذي يعاني من الوحدة كي لا يمون عليهم ويطلب منهم زيارة او اي شئ آخر وهذا ظلم وإرهاب وقطيعة رحم ،
وهناك ام تتحول في البيت الى خادمة فقط تنظف وتطبخ وتهتم بالأولاد بدون كلمة شكر من زوجها أو أولادها او مكافاة مادية او معنوية او سفرة لغرض الإستجمام ،وهناك أب يعمل كجندي مجهول يتقاتل مع الحياة من أجل لقمة العيش ولا يجني من عائلته ولا حتى كلمة حب تزيل عن جبينه عرق الركض وراء العيش الكريم ،
وهناك زملاء يحاربون زميلهم بسبب غيرتهم وحسدهم من نجاحه وإبداعه وهذه مشكلة أزلية في المجتمعات الشرقية لأننا وكما قال احمد زويل (نحن في مجتمع يحارب الناجح حتى يفشل ) والدليل على ذلك هناك ملايين المبدعين حوربوا وتعرضوا للتهميش والإقصاء او التصفية او النفي إذ ان هناك فطاحل من المبدعين اتهموا تهما سياسية أو أخلاقية أو مورس ضدهم التسقيط والإساءة حتى غادروا بلدانهم وذهبوا للدول الإوربية فوجدوا من يحتضن إبداعهم ويساندهم لكن ظلوا يعانوا الغربة والحنين لتراب الوطن وبقوا عقودا وعقودا حتى رحلوا بصمت والم ومرض في الغربة وهذا اقسى أنواع الإرهاب ،
كذلك هناك إرهاب ضد زهور الحياة وهن الأناث فمثلا شاب يطارد انثى وبعد ان تقع في حبه يحدثها عن تجاربه وعشقه ومغامراته وقصة حبه الأسطورية وهو لا يعي كم الدموع التي تذرفها صمتا وكم من خنجر ينحر صميم قلب انوثتها لأن مجرد ذكراه لفتاة اخرى شئ مؤلم لأن الانثى رقيقة بطبعها وتحب ان تكون الأولى والاخيرة والمميزة بحياة من تحب ،وهو بهذا يبذر بذرة الشك النجسة في قلبها فتظل مصابة بمرض الغيرة القاتل حتى وان تزوجها ولربما تنهار العلاقة بسبب الغيرة ويكون هو السبب لأنه يتحجج بأنه لا يريد اخفاء شئ عنها لكن هذا تصرفا غير صحيا للعلاقة ويجب ان يكون صادقا معها منذ اول لحظة عرفها وما بعدهاويترك الماضي بشكل نهائي ويبدأ حياة جديدة معها .
كذلك فرض تقاليد بالية على الناس وعدم إحترام تعاقب الأجيال ومحاربتنا لبعضنا على وسائل التواصل والنفاق الذي يمارسه الناس ضد بعضهم او تشويه سمعة بعضهم او محاربة الزوج لزوجته بالامور المادية او محاربة الرجل لطليقته بأولادها وكل إساءة او إيذاء هو يندرج ضمن الإرهاب البارد الذي يقتل بصمت ،لذلك يجب ان ندرك ان القلب فيه خيوط رقيقة تسمى النياط والحزن الشديد يقطع نياط القلب فرفقا ببعض
قولوا حسنا
ومروا خفافا
وان لم تنفعوا فلا تضروا .
أفكار بصوت مرتفع