شريط الاخبار

الدكروري يكتب عن صاحب سوق القطن في بغداد

جريدة موطني

الدكروري يكتب عن صاحب سوق القطن في بغداد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن الإمام ابن مجاهد وهو أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي البغدادي، وقيل أنه بعد أن استخلص ابن مجاهد للأمة سبع قراءات ألف فيما وراءها من قراءات صحيحة كتابه في القراءات الشاذة وسماه “كتاب القراءات الكبير ” بجانب كتاب “السبعة” أو كتاب “القراءات الصغير” وأفرد لكل إمام من الأئمة السبعة كتابا مستقلا، ويضاف إليه أيضا كتاب عن قراءة علي بن أبي طالب، وكتابا في الياءات وآخر في الهاءات، وقد ولد ابن مجاهد بسوق القطن في بغداد عام مائتان وخمسة وأربعون للهجرة، وظهر نبوغه مبكرا حيث حفظ القرآن الكريم، وأكثر القراءة على الشيوخ حتى عدّ له ابن الجزري نحوا من مائة شيخ قرأ عليهم ختما كاملة للقرآن الكريم وأجازوه بإقرائها للناس.

وقرأ على بعض شيوخه عشرين ختمة، واجتمع عليه الطلاب من الأقطار، وصار يقرئ بالقراءات التي يثبت له تواترها، وكان ابن مجاهد في الحقيقة إماما مقصودا في القراءة، ويمكن القول إنه مؤسس أول جامعة للقرآن الكريم وقراءاته في بغداد ” وقد فاق في عصره سائر نظرائه من أهل صناعته مع اتساع علمه، وبراعة فهمه، وصدق لهجته، وظهور نسكه، وقد نال ابن مجاهد ثقة سائر المشتغلين بالقراءات في عصره وبعد عصره وبحسبك منهم شهادة إمام هذا الفن والمرجع فيه ابن الجزري إذ قال ولا أعلم أحدا من شيوخ القراءات أكثر تلاميذا منه، ولا بلغنا ازدحام الطلبة على أحد كازدحامهم عليه، وقد حكى ابن الأخرم عنه أنه وصل إلى بغداد فرأى في حلقة ابن مجاهد نحوا من ثلاثمائة مصدر”

وقال علي بن محمد المقري كان لابن مجاهد في حلقته ثمانية وأربعون خليفة يأخذون على الناس، وقد رأى ابن مجاهد أن ترك الأمر على عواهنه يؤدي إلى اختلاط المسائل، ودخول السليم في السقيم، فلا بد إذن من التمييز بين من يصلح للإمامة، ويتوافر لديه الإسناد الثبت، وبين من يتلقى القراءة من غير أهلها، فيشوبها بالخطأ واللحن، وهكذا فإنه يبين رأيه جليا في مقدمة كتابه الشهير السبعة بقوله ” فمن حملة القرآن من يعرب ولا يلحن، ولا علم له بغير ذلك، فذلك كالأعرابي الذي يقرأ بلغته ولا يقدر على تحويل لسانه فهو مطبوع على كلامه، ومنهم من يؤدي ما سمعه ممن أخذ عنه، ليس عنده إلا الأداء لما تعلم، ولا يعرف الإعراب ولا غيره، فذلك الحافظ، فلا يلبث مثله أن ينسى إذا طال عهده فيضيع الإعراب لشدة تشابهه.

وكثرة فتحه وضمه وكسره في الآية الواحدة، لأنه لا يعتمد على علم العربية، ولا به بصر بالمعاني يرجع إليه، وإنما اعتماده على حفظه وسماعه وقد ينسى الحافظ فيضيع السماع وتشتبه عليه الحروف، فيقرأ بلحن لا يعرفه وتدعوه الشبهة إلى أن يرويه عن غيره، ويبرئ نفسه، وعسى أن يكون عند الناس مصدقا فيحمل ذلك عنه وقد نسيه ووهم فيه، وجسر على لزومه والإصرار عليه، أو يكون قد قرأ من نسي وضيع الإعراب، ودخلته الشبهة فيتوهم، فذلك يقلد القراءة ولا يحتج بنقله، ومن حملة القرآن من هو على مستوى يؤهله إلى معرفة إعراب القراءة ويبصره بمعانيها ولكنه لا يعرف القراءات ولا تاريخها مع جهله بمصادر الرواية.

وقد يحمله ذلك على أن يقرأ بحرف يجوز لغة وإعرابا مع أنه لم يقرأ به أحد من السابقين، وهذا يوصله إلى أن يبتدع قراءة جديدة، ومنهم من يعرف قراءته، ويبصر المعاني، ويعرف اللغات، ولا علم له بالقراءات واختلاف الناس والآثار، فربما دعاه بصره بالإعراب إلى أن يقرأ بحرف جائز في العربية لم يقرأ به أحد من الماضين فيكون بذلك مبتدعا.

الدكروري يكتب عن صاحب سوق القطن في بغداد

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار