الدكروري يكتب عن أحد الأئمة في العلوم الشرعية
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير عن الإمام فخر الدين الرازي، هو أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين بن علي الرازي، ويقول عنه الإمام تاج الدين السبكي عن تضلعه في الحكمة، وأما علوم الحكماء فلقد تدرع بجلبابها وتلفع بأثوابها، وتسرع في طلبها حتى دخل من كل أبوابها، وأقسم الفيلسوف إنه لذو قدر عظيم، وقال المنصف في كلامه هذا من لدن حكيم، ويقول ابن قاضي شهبة هو إمام وقته في العلوم العقلية، وأحد الأئمة في العلوم الشرعية، صاحب المصنفات المشهورة والفضائل الغزيرة المذكورة، ولد في رمضان سنة خمسمائة وأربع وأربعين من الهجرة، وقيل سنة ثلاث، واشتغل أولا على والده ضياء الدين عمر، وهو من تلامذة البغوي، ثم على الكمال السمناني وعلى المجد الجيلي.
صاحب محمد بن يحيى، وأتقن علوما كثيرة وبرز فيها وتقدم وساد، وقصده الطلبة من سائر البلاد، وصنف في فنون كثيرة، وإن من أشد الانتقادات التي وجهت للرازي هي كتابته عن علم السحر والطلاسم وتصنيفه فيه، وهذا ما اعتبره منتقدوه مخالفا للشرع، واتهموه بالردة عن الإسلام والدعوة إلى عبادة الأوثان ويقول ابن تيمية من العجب أن يذكر الرازي عن أبي معشر ما يذمّ به عبادة الأوثان، وهو الذي اتخذ أبا معشر أحد الأئمة الذين اقتدى بهم في الأمر بعبادة الأوثان، لما ارتد عن دين الإسلام، وأمر بالإشراك بالله تعالى وعبادة الشمس والقمر والكواكب والأوثان، في كتابه الذي سماه السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم، ويدافع آخرون عن اشتغال الرازي بالسحر بأنه لا يوجد دليل صريح.
على أنه يدعو إلى عبادة غير الله، ويقول الرازي نفسه في هذه المسألة بجواز تعلم السحر إذ يقول في تفسيره العلم بالسحر غير قبيح ولا محظور اتفق المحققون على ذلك لأن العلم لذاته شريف، وأيضا لعموم قوله تعالى “هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون” ولأن السحر لو لم يكن يعلم لما أمكن الفرق بينه وبين المعجز، والعلم بكون المعجز معجزا واجب وما يتوقف الواجب عليه فهو واجب فهذا يقتضي أن يكون تحصيل العلم بالسحر واجبا وما يكون واجبا كيف يكون حراما وقبيحا، أما عن تصنيفه لكتاب السر المكتوم في مخاطبة النجوم، وكتاب الاختيارات العلائية في الاختبارات السمائية، فليس في ذلك بأس عندهم فإنه قد صنفهم على وجه إظهار ما في السحر من الفساد، لا على سبيل الاعتقاد.
إذ أن الرازي تبرأ مما ذكر فيهم، يقول تاج الدين السبكي في طبقاته عن فخر الدين الرازي، هو إمام المتكلمين، ذو الباع الواسع في تعليق العلوم، والاجتماع بالشاسع من حقائق المنطوق والمفهوم، والارتفاع قدرا على الرفاق، وهل يجري من الأقدار إلا الأمر المحتوم؟ بحر ليس للبحر ما عنده من الجواهر، وحبر سما على السماء، وأين للسماء مثل ما له من الزواهر؟ وروضة علم تستقل الرياض نفسها أن تحاكي ما لديه من الأزاهر انتظمت بقدره العظيم عقود الملة الإسلامية، وابتسمت بدره النظيم ثغور الثغور المحمدية، تنوع في المباحث وفنونها، وترفع فلم يرض إلا بنكت تسحر ببيونها، وأتى بجنات طلعها هضيم، وكلمات يقسم الدهر أن الملحد بعدها لا يقدر أن يضيم.الدكروري يكتب عن أحد الأئمة في العلوم الشرعية