ادب وثقافة

فإن الكلمة..

جريدة موطني

فاطمة عبد العزيز محمد
_________
فإن الكلمة..فإن الكلمة..
ان مفهوم الأمانة في الإسلام مفهوم عام شامل لأقوال العبد وأعماله، فكما أنه محاسب على أعماله، مؤتمن عليها، فهو محاسب على الأقوال، ومؤتمن عليها.
إذًا فالكلمة أمانة ومسئولية، فإمَّا أن تؤدي كلمة صادقة نافعة مفيدة، فتكتسب بها أجرًا وثوابًا، وإما كلمة سيئة، وكلمة خبيثة، وكلمة تدعو إلى باطل، وتؤيد الشر والفساد، فتلك كلمة تحاسب عليها، فأنت محاسب على الأقوال، كما أنت محاسب على الأعمال، بل الأقوال أشدّ، فكم من مسيطر على نفسه في أعمال جوارحه، لكنَّه أمام لفظات اللسان عاجز، يطلق للسانه العِنان ليقول ما يشاء، فتعظم الأوزار والآثام.

ولذلك وصى الله عز وجل عباده المؤمنين أن يتقوه فيما تنطق به الألسنة فقال جل وعلا في كتابه المبين آمراً عباده المؤمنين، وواعداً لهم بعظيم ما يكون من الخير في الدنيا والآخرة إذا اتقوا الله في اللسان: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾(الأحزاب: 70، 71)، فمن اتقى الله في لسانه، فإن الله وعده أن يصلح حاله، وأن يحسن عاقبته ومآله، وأنه يفوز فوزاً عظيماً.

ولعظم الأمانة أوصي النبي صلي الله عليه بالحفاظ عليها فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال رسول الله عليه وسلم يا معاذ: (ألا أخبرك برأس الأمر، وعموده، وذروة سنامه؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله. ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قال: بلى يا رسول الله! فأخذ رسولُ الله بلسانه، ثم قال: كُفَّ عليك هذا. فقال معاذ: أوَإنا مؤاخذون بما تتكلم به ألسنتنا؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم أو قال: على مناخرهم إلا حصائدُ ألسنتهم؟!).رواه الترمذي.
وقال صلي الله عليه وسلم (إِنَّ العبد ليتكلّم بالكلمة -مِنْ رضوان الله- لا يُلْقِي لها بالاً، يرفعه الله بها في الجنة، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سَخَط الله لا يُلْقِي لها بالاً، يهوي بها في جهنم) [أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح، والترمذي في سننه، ومالك في الموطأ)
وعن سهل بن سعد الساعدي (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة ) )رواه البخاري.)

فالكلمة أمانة ضخمة في دين الله تعالى وأننا مسئولون بين يدي الله عن هذه الأمانة العظيمة، فليتق الله كل منا ولنعلم أن كل كلمة نتلفظ بها قد سُطِّرت علينا ﴿ عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ﴾ (طه: 52).
يقول الله جل وعلا ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ (ق: 16 – 18)
وقال جل وعلا: ﴿ وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابَاً يَلْقَاهُ مَنشُورَاً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبَاً ﴾ الإسراء. وقال تعالى ﴿ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ ﴾ (الانفطار: 10، 11)
وقال جل وعلا: ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولَاً ﴾ (الإسراء: 36).
فالكلمة إما أن تؤدي إلى البناء والإعمار، وإما أن تؤدي إلى الهدم والخراب، إن الكلمة سلاح ذو حدين.. فاجعلها كلمة طيبة تنال بها الأجر العظيم في الدنيا والآخرة. 

فإن الكلمة..

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار