الدكروري يكتب عن النعمة المزجاة رسول الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن أقوى شاهد على صدق الحب هو موافقة المحب لمحبوبه، وبدون هذه الموافقة يصير الحب دعوى كاذبة، وأكبر دليل على صدق الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو طاعته وإتباعه، فالصادق في حب النبي، صلى الله عليه وسلم هو مَن أطاعه واقتدى به وآثر ما يحبه الله ورسوله على هوى نفسه، وظهرت آثار ذلك عليه من موافقته في حب ما يحبه وبغض ما يبغضه، وأن هذا الإتباع محدد بشواهد وعلاقات، منها تعظيمه صلي الله عليه وسلم وتوقيره والأدب معه، والاقتداء به وتحكيم سنته والتحاكم إليها والرضى بحكمه، ويؤكد القاضي عياض رحمه الله على ارتباط محبة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالإتباع فيقول اعلم أن من أحب شيئا آثره وآثر موافقته، وإلا لم يكن صادقا في حبه.
وكان مدعيا، ثم إن من تعظيمه صلى الله عليه وسلم نصرته والذب عنه، وقد أوجب الله تعالى على الأمة نصرة نبيه صلى الله عليه وسلم وتوقيره، وكيف لا يكون نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوجب الواجبات، بل حقه أن يفدى بالأنفس والأموال وأن يؤثر بكل عزيز وغالي، فيقول الله سبحانه وتعالي ” فالذين آمنوا به وعزروه ونصروة واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ” وإن هناك فرقا كبيرا بين المحبة الإيمانية التي تورث الإجلال والتوقير والتأدب مع سنته صلى الله عليه وسلم وبين محبة هائمة فلسفية المشرب خيالية المورد، تورث تأليها لذاته وتجريداً لصفاته، تترنم بأشعار الغالين وصلوات المتنطعين، ومن أراد استجلاء هذا الفرق أكثر، فلينظر إلى حال القرون.
التي أحبت رسولها الكريم صلى الله عليه وسلم محبة إيمانية كيف كانت؟ إنه النبى محمد صلى الله عليه وسلم، سيد الخلق، وحبيب الحق، إنه الرحمة المهداة والنعمة المزجاة، إنه أرحم الخلق بالخلق، أحرض الخلق على هداية الخلق، سيد الأنبياء والمرسلين، أقسم الله بعمره الثمين، فقال “لعمرك إنهم لفى سكرتهم يعمهون” فكان صلى الله عليه وسلم هو الإنسان الكامل في إنسانيته، وكامل في شريعته إذ جعلها تلائم بني الإنسان، وكامل في إنسانيته، عندما يتعامل مع زوجاته وأطفاله، وكامل في إنسانيته مع نفسه ومع مشاعره، وكامل في إنسانيته مع أعدائه، ولم لا وهو رسول الإنسانية، الذي أعطى الإنسان قدره، ورفع من شأنه وكرّمه؟ فإن المتأمل في التشريعات التي جاءت على لسان خير الكائنات صلى الله عليه وسلم.
ليلمس فيها الجانب الإنساني الذي يقدر إنسانية المسلم، ويعرف قدرته وطاقته لذا جاءت التشريعات تحمل المعنى الإنساني في اليسر والسهولة، والرفق والرحمة، وإليكم بيان ذلك، فقد قال الله تعالى فى سورة النساء ” يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا” وقال ابن كثير فى قوله تعالى ” يريد الله أن يخفف عنكم”أي في شرائعه وأوامره ونواهيه وما يقدره لكم ولهذا أباح الإماء بشروط، كما قال مجاهد وغيره، ” وخلق الإنسان ضعيفا” فناسبه التخفيف لضعفه في نفسه، وضعف عزمه وهمته، وقال الطبري، يعني جل ثناؤه بقوله ” يريد الله أن يخفف عنكم ” أن ييسر عليكم، ويقول الله عز وجل فى سورة الحج “وما جعل عليكم فى الدين من حرج”