المقالات

الدكروري يكتب عن أحوال الدعوة في مكة

جريدة موطني

الدكروري يكتب عن أحوال الدعوة في مكة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة أنه لم تستقر أحوال الدعوة في مكة بسبب انتشار عبادة الأصنام والإشراك بالله لذلك كان من الصعب الدعوة إلى توحيد الله فيها بشكل مباشر في بداية الأمر، فما كان من رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا الإسرار بالدعوة، وبدأ بدعوة أهل بيته ومن رأى فيه الصدق والرغبة بمعرفة الحق، فكانت زوجته خديجة ومولاه زيد بن حارثة وعلي بن أبي طالب وأبو بكر الصديق أول من آمن بدعوته، ثم ساند أبو بكر الرسول صلي الله عليه وسلم، في دعوته فأسلم على يديه عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، ثم انتشر الإسلام في مكة شيئا فشيئا إلى أن جهر بالدعوة بعد ثلاث سنوات من الإسرار بها.

فلجأ سادة قريش إلي مقاطعة النبي صلي الله عليه وسلم ومن معه لمدة ثلاث سنوات في شعب بني طالب، ولقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشعب، وجعل يعمل على شاكلته، وقريش وإن كانوا قد تركوا القطيعة، لكنهم لم يزالوا عاملين على شاكلتهم من الضغط على المسلمين والصد عن سبيل الله، وأما أبو طالب فهو لم يزل يحوط ابن أخيه، لكنه كان قد جاوز الثمانين من سنه، وكانت الآلام والحوادث الضخمة المتوالية منذ سنوات،لاسيما حصار الشعب، قد وهنت وضعفت مفاصله وكسرت صلبه، فلم يمض على خروجه من الشعب إلا أشهر معدودات، وإذا هو يلاحقه المرض ويلح به، وحينئذ خاف المشركون سوء سمعتهم في العرب إن أتوا بعد وفاته بمنكر على ابن أخيه، فحاولوا مرة أخرى.

أن يفاوضوا النبي صلى الله عليه وسلم بين يديه، ويعطوا بعض ما لم يرضوا إعطاءه قبل ذلك‏، فقاموا بوفادة هي آخر وفادتهم إلى أبي طالب‏، وقال ابن إسحاق وغيره‏‏ لما اشتكى أبو طالب، وبلغ قريشا ثقله، قالت قريش بعضها لبعض‏‏ إن حمزة وعمر قد أسلما، وقد فشا أمر محمد في قبائل قريش كلها، فانطلقوا بنا إلى أبي طالب، فليأخذ على ابن أخيه، وليعطه منا، والله ما نأمن أن يبتزونا أمرنا، وفي لفظ‏‏ فإنا نخاف أن يموت هذا الشيخ فيكون إليه شيء فتعيرنا به العرب، يقولون‏‏ تركوه حتى إذا مات عمه تناولوه‏، ومشوا إلى أبي طالب فكلموه، وهم أشراف قومه عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وأبو سفيان بن حرب، في رجال من أشرافهم، وهم خمسة وعشرون تقريبا.

فقالوا‏‏ يا أبا طالب، إنك منا حيث قد علمت، وقد حضرك ما ترى، وتخوفنا عليك، وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك، فادعه فخذ له منا، وخذ لنا منه، ليكف عنا ونكف عنه، وليدعنا وديننا وندعه ودينه، فبعث أبو طالب، فجاءه فقال‏‏ يابن أخي، هؤلاء أشراف قومك، قد اجتمعوا لك ليعطوك، وليأخذوا منك، ثم أخبره بالذي قالوا له وعرضوا عليه من عدم تعرض كل فريق للآخر‏، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ “‏أرأيتم إن أعطيتكم كلمة تكلمتم بها، ملكتم بها العرب، ودانت لكم بها العجم‏” وفي لفظ أنه صلى الله عليه وسلم قال مخاطبا لأبي طالب‏ “إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب، وتؤدى إليهم بها العجم الجزية‏” وفي لفظ آخر قال‏ “‏أي عم، أفلا أدعوهم إلى ما هو خير لهم‏؟‏‏ قال‏‏ وإلام تدعوهم‏؟‏

قال‏ “‏أدعوهم إلى أن يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب، ويملكون بها العجم‏” ولفظ رواية ابن إسحاق “كلمة واحدة تعطونها تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم‏” فلما قال هذه المقالة توقفوا وتحيروا ولم يعرفوا كيف يرفضون هذه الكلمة الواحدة النافعة إلى هذه الغاية والحد‏،‏ ثم قال أبو جهل‏ ما هي‏؟‏ وأبيك لنعطيكها وعشر أمثالها، قال‏ صلى الله عليه وسلم “تقولون‏ “لا إله إلا الله، وتخلعون ما تعبدون من دونه‏”‏ فصفقوا بأيديهم، ثم قالوا‏‏ أتريد يا محمد أن تجعل الآلهة إلها واحدا‏؟‏ إن أمرك لعجب‏، ثم قال بعضهم لبعض‏ إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيئا مما تريدون، فانطلقوا وامضوا على دين آبائكم، حتى يحكم الله بينكم وبكم

أحوال الدعوة في مكة

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار