المقالات

وقفة مع الهادي البشير

جريده موطني

وقفة مع الهادي البشير

بقلم / محمـــد الدكـــروريوقفة مع الهادي البشير

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي الهادي البشير محمد صلى الله عليه وسلم، فهو الذي آمن به الأولون وآمنوا بأن تمجيد رسولهم وتكريمه إنما يكون عن طريق اتباعه وإحياء سنته والتحلي بأخلاقه، وإقامة شرعه ودينه، وآمنوا بهذا واعلموا أن الإيمان الحق يثمر المحبة الصادقة؟ وللمحبة الصادقة حقوق وعليها تبعات، فمن حقوقها هو المتابعة لمن تحب، والرضا بما يرضيه، والغضب لما يغضبه، ومن تبعاتها تحمل المشاق والتضحية بالنفس في سبيل رضا المحبوب،”لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه ممن سواهما” وظل المسلمون كذلك حتى ضعفوا واستكانوا، فانطفأ نور تلك العظمة من قلوبهم، وأقفرت بصائرهم من أسرارها، ولم يبق لهم منها إلا صور مرسومة بحروف في الصحف والكتب.

 

يرجعون إليها كلما عاودتهم ذكرى تلك العظمة، وكلما تذكروها في شهر ربيع، فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم، وأعرضوا عن تعاليم تلك العظمة، وصاروا لا يذكرونها إلا إذا ذكروا ميلاد صاحبها، فوضعوها في مستوى العظمات الأخرى التي يألفها الناس في أفذاذهم، وجاروا الناس في تكريم عظمائهم بأساليبهم بالأناشيد، والأزجال، والأنغام، وبالصور والزينات، وبالخطب والإذاعات، وتفننوا في المحاكاة حتى صاغوا عظمة رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم في أسلوب روائي قصصي، وقالوا تلك قصة المولد الشريف، وما كان لعظمة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أن تكون قصة وهي الحقيقة الخالدة، وما كان لها أن تنسى وهي التهذيب الإنساني الدائم، ولكن هكذا ابتدع المسلمون هذا الأسلوب من التكريم.

 

وصار لهم ليالي معدودة كليالي شم النسيم وليالي عيد الفصح ووفاء النيل، وهكذا ابتدع هذا الأسلوب كأثر من آثار الضعف حينما ابتلي المسلمون بالقول دون العمل، وحينما انقطعت الصلة العملية بين المسلمين وشريعة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وابتدع هذا الأسلوب من التكريم بعد أن لم يكن، فهل بحث الناس عن سبب ابتداعه؟ وهل تساءلوا عن السر في أنه لم يكن ثم كان؟ هل انصرفوا إلى هذا الجانب الذي كان يرجى أن يعرفوا منه أسباب ضعفهم؟ كلا ولكنهم انصرفوا إلى البحث في كونه بدعة أو ليس بدعة؟ وإذا كانت بدعة فهل هي بدعة حسنة أو بدعة غير حسنة؟ وهكذا اختلفت بهم المذاهب، وتعددت الآراء، وظلوا إلى يومنا هذا بين محبذ ومنكر، شأنهم في كل شيء تناولوه بروح الجدل.

 

الذي صرفهم عن العمل، وما ابتليت أمة في حياتها بشر من كثرة القول وقلة العمل، وقد ابتلى الله المسلمين بالجدل في كل شيء فصرفهم عن العمل بمقدار ما جادلوا، جادلوا في العقائد، وجادلوا في الأحكام، وجادلوا فيما ليس من العقائد ولا من الأحكام، وجادلوا في كلماتهم وألفاظهم، وجادلوا حتى في القواعد التي وضعوها للجدل، وهكذا صار الجدل شغلهم الشاغل، فتلهوا به عن فهم الإسلام، وعظمة الإسلام وسرد دعوة الإسلام، تلهوا به عن فهم كلام الله، وعن إدراك مقومات الحياة التي لا تستطيع أمة أن ترفع رأسها إلا بها، واكتفوا بذكر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع، وأنه على خلق عظيم وأن شريعته صالحة لكل زمان ومكان، فانخفضت رؤوسهم، والتوت أعناقهم، وضعف سلطانهم.

 

وتفرق شملهم، وتناثرت عزتهم، وشغلوا بالقول ونسوا دينهم، ومنبع عظمة نبيهم أساسه العمل، ولقد كثر في أيامنا الدعاة إلى الخير وإلى الفضيلة وإلى الإصلاح وإلى الإنقاذ ولم تتجاوز دعواتهم حناجرهم، فعادت عليهم بالخسران والوبال، وسيخرجهم الزمن طوعا أو كرها من صفوف المصلحين، وسيعلم الناس أنهم فيما يدعون كاذبون، وأنهم فيما يقولون مخادعون، وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون، ولقد كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم معلما بالعمل لا بالقول، وكان داعيا للفضيلة بالفضيلة تفيض من نفسه، وكان قدوة في أعماله، وأسوة بأفعاله، يتوضأ ويقول لأصحابه ” هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي” لم يشرح لهم فرضا ولا سنة ولا مستحبا.

 

وكان صلى الله عليه وسلم يصلي ويقول لأصحابه ” صلوا كما رأيتموني أصلي” وكان صلى الله عليه وسلم يحج ويقول ” خذوا عني مناسككم” لذلك كان صلى الله عليه وسلم عظيما وعظيما فوق العظماء صلى الله عليه وسلم.وقفة مع الهادي البشير

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار