نثر

(غياب و عتاب)

جريدة موطنى

(غياب و عتاب) 

بقلم / محمد خفاجى 

قالت 

إنتظرتك بعد سنين من الوجع ، أرسم أخاديده على خدي حتى نضج جلد روحي ، فزرعتك يقيناً في أحشائي ، أرقب ميلاد حضورك و أزكم أنف الليل حتى لا يخنقني عطر الحنين ، أنتظرتك على عَجَل ، أخاطب الشمس هل لمحت الندى فوق جبين مَن أهوى و أعشق ، و أربت على كتف الشجر هل سمعت يوماً همس السمر 

قال 

في العشق لنا نياشين و أوسمة و علامه ، لنا فيه موت و بعث و حساب و قيامه ، فيه تناقضنا فيه تشابهنا فيه تخاصمنا حتى فَجرنا و تسامحنا حتى تكاثرنا ، في العشق قاعدةٌ و تمجيدٌ لسَلَّامٓه ، حين خلَّدها عبد الرحمن القص بقوله ، ما على العاشق مَلامَه 

قالت 

تراك أهلكت السنين بعنفوان غيابك ، لم اعهد فيك القسوة على العشق حين هجرتَ مَحافِله ، كيف استطعت ان تخنق الدهشة في آتون هذا الهجر الحاد ، ألم يحملك التَّوق إلى عناقي ، أين رعشتنا و هي تختلج أمام جبروت بصمات حبنا ، كيف آنست دار الغياب و خلَّفت وراءك شهد و شوق و أنين و حنين ، الكل يرمق ظهورك كالإعصار الذي يوقظ الهِمم و ينصب الخوف في صدور الجبناء 

قال 

ما كان لي من مُستراح غيرك و مُتكأ ، حتى عاد الهدهد من ديار سبأ ، يرفع الراية مُستبشرا بعدما انفرد بالنبأ  

قالت 

أيها العاشق الشاهق يُرهقني حد الغرغرة غيابك ، و أراني أموت و أبعث حية بعد كل رمية من عتابك 

قال 

ذات ولوج و لسان حال قدَرنا مُتمتما ، الطبيعة شاهدي و الصدق بشهادتي حليفكِ ، فلا خَبُتت نيراني و لا استقامت لكِ قوالب الثلج في عُقر دار البرودة ، لا عليها كنا و لا بها نحيا و لا إليها يوماً حَثثنا الخُطى ، حاشاني إن وليتكِ يوماً الدُّبر ، ماهي إلا استكانةٌ من سماء ، و مَوتةٌ صُغرى ثم انهمارٌ مِن مَطر ، بكِ دُفنتُ و عليكِ تعطَّر فوق مِني الثري .

(غياب و عتاب)

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار