الغرب ومحاربة الإسلام وأهله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، لقد نهى الإسلام عن كل ما قد يسبب الأذى للمسلم سواء كان أذى نفسيا أم بدنيا، وجعل كف الأذى عن المسلمين عبادة، وكما نهى عن الأذى الجسدى فقد نهى أيضا عن النفسى مهما كان صغيرا، كأن يتناجى رجلان سرا ورجل ثالث يجلس معهما في نفس المجلس وهم ثلاثة فقط، فالمسلم إذا يؤجر على كف الأذى عن الناس كما يؤجر على أداء الطاعات والفرائض فالله تعالى لا ينقص من عمل ابن آدم شيئا ولو كان مثقال ذرة، وربما يعود سبب أذى المسلمين بعضهم بعضا وعدم اتباعهم منهج كف الأذى ناتج عن قلة الوعي والجهل في دينهم، فكل ذلك يجعل الإنسان وحشا لا يرعى في إخوانه إلا ولا ذمة، وهؤلاء قد توعدهم الله عز وجل بالعقاب الشديد.
وإن للغرب يدا فيما نتخبط فيه اليوم من تيه وصراع، وهذه اليد لم تتغلغل إلى أوطاننا إلا وهي تدرك وتعي علتنا، ومشكلتنا الرئيسة وهي عدم ارتقائنا بالإسلام، فماذا يعني ارتقاء كل مسلم بهذا الدين؟ فإن مكانة الإسلام كبيرة جدا ومرموقة، طالما بقيت الرسالة المحمدية خالدة بتاريخها الحافل ببطولات الحبيب المصطفى، ووفاء أصحابه رضوان الله عليهم وحتى يتمكن هذا الدين في القلوب، ويستقر في العقول بذاك الفهم الصحيح والحقيقي لشمائله، على عكس الأوربيين الذين حرموا أنفسهم حلاوةَ هذا الدين، فلم يكن لهم لا رادع ولا وازع ديني يحرص ويوجه سلوكهم، ولم يجدوا لأنفسهم مرشدا من هذا الدين الحنيف فظنوا أن الحياة ما هي إلا ركض وراء المتعة والملذات والراحة والانتفاع المادي من الموجودات المحيطة بهم.
وهم يشبهون في ذلك الوصف بتلك المملكة التي لا يقودها سيد، وليس لديها إرث يمكنها من الحفاظ على مجدها، ومآثر الموجودات لشعوبها، ولجؤوا كبديل لتقدمهم إلى القوة والعلم للحصول على الرغبات، والسيطرة على الشعوب المحبة للإسلام، بأساليب شتى، سواء كانت غزوا ثقافيا، أم احتكارا اقتصاديا، أم ميوعة في اختراع الآلات والمصانع وناطحات السحاب، وهذه هي وسيلتهم في التقدم والتباهي أمام الأمم الأخرى، وبقوا على هذه الحال بل تجرؤوا على الإساءة للإسلام لأن هذا الدين يثير مركب النقص والشعور بالدونية وعدم معرفة الله خالق الكون حق المعرفة، وبذلك ظلت القوة والعلم يتطوران على حساب الدين والأخلاق، ومن هنا نشأت فجوة بين الشعوب الأوربية والإسلامية.
وهذه الأخيرة التي انسلخت بالتدريج من هويتها، وراحت تقلد التقليد الأعمى ما تظن فيه خيرا، ولم تمثل الإسلام أحسن تمثيل، بل لم تعشه لتتغذى من قيمه، وعظمة مبادئه، فتخلف المسلمون بفارقين اثنين الفارق الأول هو فارق الدين الصحيح، والفارق الثاني هو العلم والمعرفة إذ أخذوا من الدين الإسلامي ما يبدو منحصرا فقط في إتيان المناسك كالصلاة، والصوم، والحج، وحرموا أنفسهم روحانياته التي تجدد في المسلم إيمانه، وترسخ فيه عقيدة ليست تتغير بتغير الأزمان، وإنما تنمو وتخلد ما بقي المسلم حيّا، وفي هجران العلم والمعرفة جهل بما يخططه لنا الأعداء، فهجرت أمهات الكتب، واستبدلت بتفاسير الصالحين المتفقهين في أصول الدين فتاوى على مواقع الإنترنت،
ليست تفقه في الدين الصحيح وأحكامه، وعليه فنحن كمسلمين في هذا العصر نواجه منعرجا ومنعطفا لمحاولة التشبث بانتمائنا الحقيقي للإسلام وسط صراعات أيديولوجية، وسياسية، وفكرية، ولكل واحد منا أن يسأل هذا السؤال ماذا يعني ارتقائي بالإسلام؟ وماذا يعني الحفاظ علي الهوية الإسلامية في وسط كل ذلك الزحام.الغرب ومحاربة الإسلام وأهله