إياك وشجرة “لــــــــو…”
بقلم الأديـــب المصـــرى
د. طــــارق رضـــــوان
ترى هل تطرح شجرة “لــــــــو“؟
الحياة فنٌّ، وفنٌّ يُتَعَلَّم، وخيرٌللإنسان أن يَجِدَّ في وضع الأزهار، والرياحين، والحب في حياته من أنيَجِدَّ في تكديس المال في جيبه، أو في مصرفه.خير الأمور الوسط كما علمنا الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام. فلا تكن متشائماً بالكلية ولا متفائلاً تماماً. فالحياة مزيج من هذا وذاك.فهى تتطلب الخير بجانب الشر لحكمة يعلمها الله وتحتاج الى السمة وعكسها : “الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوارَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍلَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَااسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّاللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ”.
فإذا تمنيت نمت الليل مغتبطاً، إن التمنى رأس مال المفاليس. الخيال يستخدم لصنع الواقع و ليس للهروب منه.
قال أبو الأسود الدؤلي رحمه الله :
وما طلب المعيشة بالتمني ***** ولكن ألق دلوك في الدلاء
تجئك بملئها يوما ويوما **** تجيء بحمأة وقليل ماء
ولا تقعد على كسل التمني *** تحيل على المقادر والقضاء
فإن مقادر الرحمن تجري **** بأرزاق الرجال من السماء
مقدرة بقبض أو ببسط ****وعجز المرء أسباب البلاء
و كان بن الرومي مشهور بأنه كثير التشاؤم و لا يفتحالباب لأحد إلا إذا سأله عن اسمه و تأكد أن الاسم و الشخص ليس فيهم ما يدعو للتشاؤم و ذات مرة جائه شخص يطرق الباب فقال بن الرومي : “ما اسمك ” قالالسائل :”اسمي حسن ” فتشائم بن الرومي و قال إن حروف الاسم قد تُعكس فتُصبح “نحس” و ابي ان يفتح له.
وعلى العكس من ذلك نجد المهندس عثمان احمد عثمان قائلاً :”أننى لماعتبر شهادة الفقر بالرغم من كل ما سببته لي من ألام نفسية دعوة لليأسبقدر ما أخذت أنظر إليها باعتبارها مُناجاة للأمل. كان على أن أنتصر علىالواقع الأليم لتحويله إلى طلقة هائلة تشق الظلام بهالة من النور”
فالشخص العظيم يتفائل فيري في المشكلة تجارب و فوائد , و في النحلة عسلها و في البقرى لبنها.أما المُتشاءم فيري المصائب من حوله و يري القبيح في كل حسن.
ورحم الله الشافعي القائل:
أنا إن عشت لست أعدم قوتاً === وإذا مت لست أعدم قبراً
همتي همة الملوك ونفسي === نفس حر ترى المذلة كفراً
وإذا ما قنعت بالقوت عمري === فلما ذا أخاف زيداً وعمراً .
فاقنع بما قسم الله لك .وملاك الأمر كله ورأسه الإيمان، الإيمان يشبع الجائع، ويدفئالمقرور، ويغني الفقير، ويُسَلِّي المحزون، ويقوِّي الضعيف، ويُسَخِّيالشحيح، ويجعل للإنسان من وحشته أنساً، ومن خيبته نُجحاً.
أقسم بالله لمص النوى وشرب ماء القلب المالحه…أعز للانسان من حرصه ومن سؤال الأوجه الكالحه
فاستغن بالله تكن ذا غنى مغتبطا بالصفقة الرابحه…اليأس عز والتقى سؤدد ورغبة النفس لها فاضحة
من كانت الدنيا به برة فإنها يوما له ذابحه.
كما أن كل عظيم متفائل.وعين الرضا عن كل عيب كليلة و عين السخط تبدي المساؤئ. فنفس الموقف قد يراه أحدنا حسناً و يتفائل به و يراه الأخر شؤم. وهناك رجل ينغِّص على نفسه، وعلى مَنْحوله مِنْ كلمة يسمعها، أو يؤولها تأويلاً سيئاً، أو من عمل تافهٍ حدث له،أو حدث منه، أو من ربح خسره، أو من ربح كان ينتظره فلم يحدث، أو نحو ذلك،فإذا الدنيا كلها سوداء في نظره، ثم هو يُسَوِّدها على من حوله. هؤلاء عندهم قدرة المبالغة في الشر،فيجعلون من الحبة قبة، ومن البذرة شجرة، وليس عندهم قدرة على الخير، فلايفرحون بما أوتوا ولو كثيراً، ولا ينعمون بما نالوا ولو عظيماً.
لو خُيَّرتُ بين مال كثير، أو منصب خطير،وبين نَفْسٍ راضيةباسمة…لأخترت الثانية؛ فما المال مع العبوس؟ وماالمنصب مع انقباض النفس؟ وما كل ما في الحياة إذا كان صاحبه ضيقاً حرجا ًكأنه عائد من جنازة حبيب؟ وما جمال الزوجة إذا عبست، وقلبت بيتها جحيماً؟ لَخَيْرٌ منها ألف مرة زوجة لم تبلغ مبلغها في الجمال، وجعلت بيتها جنة.
هناك نفوس تستطيع أن تخلق من كل شيء شقاءًا، ونفوس تستطيع أن تخلق من كل شيء سعادة، هناك المرأة في البيت لاتقع عينها إلا على الخطأ. رغم أن غروب الشمس هو وعد بالشروق. لذلك كانت العرب تسمى المريض سليم و الصحراء مفازة تفائلا بالنجاة.
لا شيء يضيع ملكات الشخص ومزاياه كتشاؤمه في الحياة، ولا شيء يبعث الأمل، ويقرب من النجاح ويُنَمِّيالملكات، ويبعث على العمل النافع لصاحبه وللناس، كالابتسام للحياة. وهناك مفهوم هام لحياتنا فالذي يقف في مكانه و لا يتقدم سيصدمه من خلفه. ولدينا فى تراثنا مفاهيم خاطئة ،علينا تغييرها مثل: مفهوم خاطئ :- المبدع هو شخص اسطوري ولد مبدع .
المبدع هو شخص عادي له نفس إمكانياتك وقدراتك لكنه فعل ما يمكنك فعله و هو محاولة تطوير الواقع و رفض القيود “ليس فيالإمكان أحسن مما كان. ”
١ خاطئ :- المبدع لابد أن يكون فوضوياً , كارهاً للنظام و النظافة. قد يكون قله من المبدعين كذلك و نتيجة لطرافه الموضوع تم تركيز الضوء عليهم ، المُبدع الأصل به أنه منظم و مرتب. لكن هناك قيود على الإبداع يجب التخلص منها.
قيود على الإبداع:-
الخوف من المغامرة .إياك وشجرة “لــــــــوض
الظن أن العباقرة فقط هم الذين من حقهم الابداع.
الإعتقاد بأن أرتكاب الاخطاء أمر سئ .
وجود أجابه واحدة لكل سؤال.
الإعتقاد بأن بعض الآراء هى قواعد لا يمكن مخالفتها (مثلما كان يعتقد ان الشمس تدور حول الارض).
أحتقار النفس و الإعتقاد أنك غير مبدع.
الظن بأن السابقين لم يتركوا لنا شيئا لنصنعه.
“وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا”
الركون الى الموجود و القول أنه ليس في الإمكان خير مما كان.إياك وشجرة “لــــــــو