الحق من عند الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا، الذي لم يكن هناك ما يشغله صلى الله عليه وسلم عن العبادة والطاعة، فإذا سمع حي على الصلاة حي على الفلاح لبى النداء مسرعا وترك الدنيا خلفه صلى الله عليه وسلم، فعن الأسود بن يزيد قال سألت السيدة عائشة رضي الله عنها، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في البيت؟ قالت ” كان يكون في مهن أهله، فإذا سمع بالأذان خرج ” رواه مسلم، ولم يؤثر عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى الفريضة في منزله ألبتة، إلا عندما مرض واشتدت عليه وطأة الحمى، وصعب عليه الخروج.
وذلك في مرض موته صلى الله عليه وسلم، ومع رحمته لأمته وشفقته عليهم إلا أنه أغلظ على من ترك الصلاة مع الجماعة فقال صلى الله عليه وسلم ” لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا أن يصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم ” متفق عليه، وما ذاك إلا من أهمية الصلاة في الجماعة وعظم أمرها، فقال صلى الله عليه وسلم ” من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر ” رواه ابن ماجه وابن حبان، والعذر خوف أو مرض، أما بعد فلقد جاء الحق من عند الله عز وجل، وهو وحى إلهى وتشريع ربانى فقال تعالى كما جاء فى سورة النساء” إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ” وقال تعالى فى سورة النساء ” يا أيها الناس قد حاءكم برهان من ربكم”
وإن المصدر من المصدرية، فقال تعالى فى سورة النساء ” من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا” فليس الحق نابع من إرادة، أو طبقة، أو حزب، أو قبيلة، أو شعب، أو أكثرية، أو ديمقراطية، ولا يمكن البحث عن الحق في الرأس مالية، والعلمانية، والليبرالية، والمذاهب البشرية، لأن الحق ليس له إلا مصدر واحد فقط، أنه من عند الله عز وجل، والدليل هو قوله تعالى فى سورة الكهف ” وقل الحق من ربكم ” فبذلك انتهت القضية، والمعنى هو قل للناس يا محمد إن الحق الذى لا مرية فيه هو من الله تعالى الذى خلقهم، وقال تعالى كما جاء فى سورة آل عمران ” الحق من ربك فلا تكن من الممترين” وكل مصدر آخر معرض للخلل، والضلال، والزيغ، والانحراف، فلان يعطيك رأيا خاصا، هذا رأيه، لكن عندما يعطيك آية وحديثا فإنه يعطيك حقا.
ولو رأيت قاضيا يقضي بالجور والظلم، فإنه لا يقضي من هواه، أو من جهل، لأن الله قال فى الحدبث القدسى” يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسى” رواه مسلم، وقال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” القضاة ثلاثة، اثنان في النار”رواه ابن ماجة والنسائى والبيهقى، وهما ” قاض عرف الحق فجار، وآخر قضى على جارة” ولذلك ترى المصادر الأخرى غير الوحي الإلهى تأتى بالأباطيل، فمثلا من الدساتير البشرية تجدها تشرعن الظلم، أو الانحلال الأخلاقي، فتبيح الشذوذ، أو زواج المثليين، والحرية الجنسية، والزنا والفاحشة، والله عز وجل يقول كما جاء فى سورة الأعراف “وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها” وإن هذه الكلمه وهى والله أمرنا بها، فهى محض افتراء، وبذلك رد عليهم، فقال تعالى ” قل الله لا يأمر بالفحشاء”.الحق من عند الله