أخبار ومقالات دينية

 الناظر في القرآن المجيد

جريدة موطنى

 الناظر في القرآن المجيد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله مصرف الأمور ومقدر المقدور، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وهو الغفور الشكور وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنفع يوم النشور وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالهدى والنور، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه فازوا بشرف الصحبة وفضل القربى ومضاعفة الأجور والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الآصال والبكور، واللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد الذي روي أنس رضي الله عنه فقال ” خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي أف قط، وما قال لشيء صنعته لم صنعته، ولا لشيء تركته لِما تركته، وكان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقا ” رواه البخاري. 

ويقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا، وكان يقول صلى الله عليه وسلم ” إن من خياركم أحسنكم أخلاقا “متفق عليه، وكيف لا يشهد له العدو والصديق بمكارم الأخلاق، وقد هذبه القرآن وربّاه، ولما سأل سعد بن هشام، أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت له ” ألست تقرأ القرآن؟ قال بلى، قالت فإن خلق النبي صلى الله عليه وسلم كان القرآن ” رواه مسلم، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فإن الناظر في القرآن المجيد يكتشف أن الإسلام قد اهتم بالبذل والعطاء للبشرية والمجتمعات، وحفز الهمم نحو الإنتاج والتنمية بكافة نواحيها، لا سيما التنمية الاقتصادية، القائمة على الاستثمار، استثمار الجهود.

وإستثمار الطاقات، والأموال، والماده الخام، كما حدث في نموذج ذي القرنين حين أتى قوما سلبيين لا يعملون ولا يتحركون، فحرك هممهم، ووظف طاقاتهم، وعلمهم أن بالتعاون والتشارك تبنى الأمم وتحصّن من أي عدو غاشم، فبنى السد بينهم وبين يأجوج ومأجوج، وكم في هذه القصة من الدروس والعبر، ففيها حُسن استخدام الإمكانات المتاحة، وحُسن توظيف الطاقات البشرية قبل المادية، وضرورة وجود إدارة متعاونة لا مستبدة، والعمل على إيجاد فرصة للتعبير والتحرك للمصلحة العامة، ويبقى العمل مع الإنسان إلى آخر لحظة في حياته، فمهما كانت ظروف الدنيا فلا أقل من العمل، والعطاء والبذل والاجتهاد، وإنها دعوة لحُسن استغلال كل المواد الخام وتوظيفها بطريقة ترفع قدر الأمة والمجتمع الإسلامي. 

وكما يقول الشيخ الغزالي رحمه الله الناس رجلان، رجل نام في النور، ورجل استيقظ في الظلام، وهو نموذج لمن استغل كل ما تحت يديه، وآخر نام في النور الذي يملكه، فلا بد من بث الأمل، وتثقيف الناس جميعا بأن من وراء الشدة يأتي الفرج القريب، وأن مع العُسر يأتي اليُسر، وتلك هي رسالة كل الأنبياء والرسل، وهذه رسالة لكل ولي أمر ولكل إنسان أن يعمل على بث الأمل مهما كانت الظروف المظلمة، وكما يقول بعضهم لن تكون قمرا منيرا إلا إذا أحاطتك الظلمة من كل مكان، ويقول تعالى لنبيه موسى وهو في مصر حفظها الله ” وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبؤا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين” فأمره ربه ببث الأمان بجعل بيوت المصريين قبلة لمن أراد الأمان.

وأمره كذلك ببث البشرى والأمل، ومن بث الأمل إزالة الضرر عن الناس في المجتمع، فالمسلم الحقيقي هو من سلم الناس من لسانه وأذاه، أقول هذا الكلام لأن الأمم لا تبنى باليأس، ولا تتقدم بالتشاؤم، ولا تنافس غيرها ببث الخوف والرعب بين المنسوبين أو الزائرين للمجتمع، وأيضا بناء منظومة القيم والأخلاق.

 الناظر في القرآن المجيد

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار