قصة

اخاف منك عليك حين

جريده موطني

اخاف منك عليك حين…

بقلم الأديب المصرى

د. طارق رضوان جمعة

اخاف منك عليك حين

الفكرة الشائكة كيان يمشى على حافة المعنى كى لا يهوى فى عتمة الظنون. فرجل بلا إمرأة كعقل بلا ذكاء. فعقل شارد ورجولة بلهاء. ذاك أن المرأة تضاعف معنى الحياة في النفس, ولغيابها وحشة تشعرك أن الدنيا غير مكتملة. حينها نشعر بتشتت بين حياة تراها عينك وتحياه وحياة يرسمها عقلك وقلبك وتفتقدها. فلما العجب من انتقام الدهر بينما أنت نفسك الجانى والضحية ، انت الذى نقضت آية الزمن وسنة الكون وافتأت ( من الفتات) علي النقص والحرمان ، أنت من جعلت نفسك إله لا زوجة له ولا صاحبة! فأى شرك وعصيان اوقعت نفسك فيه!

 

لذلك الشيطان لا يفرح بالرجل الزاني وبالمرأة الزانية بقدر فرحته بالرجل العزب وبالمرأة العزباء، لأن في حالة الزنا هناك شيطان يلم ويمضي، لكن هنا يأتي الشيطان ويقيم!

 

فكيف للمرء أن يتخلى وبهجر نصفه الجميل الرقيق؟ فانا اذا ما حاولت وصفها أجدها شمسا والحروف كواكب بسماها. فهل الجمال ودونها ظل لها فلا جمال يضاهى ضياها. هى زهرة في الروح تفتحت يسبح لله الندى بسيماها. وكيف لا اتغزل بتمامها والبدر يغار من نور سناها! بالله ما كنت أبحر فى الهوى لولاها. فالنبض نبض الروح، لا عشق الجسد، فالحسن يفنى ويبقى دجاها.

 

ويدنينى اليك الشوق حتى تكاد تئن فى صدرى العظام. وطن أمن هى لا غربة فيه ولا رحيل ولا فطام. فسبحان من سواها وجعل روحي وعمري والعيون فداها. هي نسمةٌ قد عشقت هواها.

 

جميلة الرفقة هى … فالنفس تأنس من يوافقها… والطير للطير يعشق من يلاطفه

فيفهم إنشادها وغناها. والحر للحرِ ميال برغبتِهِ.

لها منى السلام اذا ما صافحت يدها النسيم، أحس بغمز ألامى. ولقد مررت على الورد فى الأكمام فارتعشت وصاح تعاطفا لقلبى الدامى. وتسمع الطير يشكو فى ايكته، وما شكواه إلا من بعض اسقامى. كالشمس هى فى لون بشرتها ،وأخت بدر كنور الوجه بسام.

 

تقول أستاذي و تخشي حياء أن تقول حبيبي. وتنورت وجنتاها و توردت

من فرط جمر بالفؤاد لهيب . و تقول عفوا سيدي لا تنتقد ولهي الشديد و لهفة التقريب. مفتونة أنا زاد الهوى تعذيبى.

 

وصمت انا من حيرة وأضعت في لغة العيون دروبي .وكتمت ٱاهات بالبكاء وخشيت أضهر زفرتي و نحيبي.

 

ولولا الحياء لشكوتها ألمي و سر شحوبي

وطلبت منها ان ترق لحالتي وتشد أزري كي تزول خطوبي. لكنني ٱثرت كتمان الهوي . قد عاقنى خجلي و فرط مشيبي.

فسبحان من سواها وجعل روحي وعمري والعيون فداها. هي نسمةٌ قد عشقت هواها.

يقول الأديب جبرا إبراهيم :” جبرا لا أحب السذج” .فمن هم السذج؟ هو يجد ” الحياة في التفاصيل، في الأحاسيس، في الذائقة، في معنى ان تهز رأسك حزناً او فرحاً او طرباً لمقطع من أغنية قديمة، او تنفعل برائحة الياسمين تهب من شارع عتيق على الدوار الاول! ”

ويقول: ” لا أحب هؤلاء السُذَّج الذين يتخرجون بمعدلات عالية، وتخصصات علمية مهمة لكنهم لا يسمعون الموسيقى، ولا يعرفون شاعراً واحداً، ولَم يحضروا فيلم سينما، او يحاولوا كتابة قصيدة، او ان يخلطوا علبة ألوان ليرسموا لوحة. انا لا افهم الناس الذين بلا طقوس شخصية، بلا عادات، بلا تفاصيل.”

 

فلماذا تختار أن تكسر قلبك بنفسك. أنت لا تحتاج إلى عدوٍّ ليلحقَ بكَ الهزيمة

لا أحد سيهزمكَ بشكل أفضل منكَ أنت.

 

واتذكر قصيدة للشاعر التشيلي العظيم يقول فيها : يموت ببطء… ﻣﻦ ﻻ ﻳﺴﺎﻓﺮ

ﻣﻦ ﻻ ﻳﻘﺮﺃ … ﻣﻦ ﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ

ﻣﻦ ﻻ ﻳﺠﻴﺪ ﺍﻻﻫﺘﺪﺍﺀ ﺑﻌﻴﻨﻴﻪ… ﻋِﺶ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﺍﻵﻥ…ﺟﺎﺯِﻑ ﺍﻟﻴﻮم…ﺗﺼﺮّﻑ ﺑﺴﺮﻋﺔ.

وختاما اخاف منك عليك اذا ما على

الصراخ بداخلك، وإذا أصبح النوم حلًّا لكل مشاكلك، حين تصبح أحاديث الاخرين عبئا لا قدرة لك على تحمّله،

حين يصغر بعينك شخصك المفضل. اخاف منك عليك حين تقوم بتحليل ذاتك

وحين تقبّل انطفائك كأمر خارج عن ارادتك، وحين تتقوقع داخل روحك على سبيل الشّفاء،حين تصبح أكثر نضجًا وأقلّ طفولة أخاف عليك.اخاف منك عليك حين

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار