الدكروري يكتب عن قصة عمر مع المسجد
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم الجمعه 20 اكتوبر
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، والقائمين بالقسط من الناس، لقد بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة وهدى ووسع خلقه الناس جميعا، وسعهم رفقا وسهولة، ونضحت يداه بالعطايا كرما وجودا، أبرهم قلبا، وأصدقهم لهجة، وإن من أخص خصائصه صلى الله عليه وسلم أن لازمته تلك الفضائل الزكية في أشد الأوقات، وأحلك الظروف، فشجّ رأسه، وكُسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم في غزة أحد فقيل له ألا تدعو على المشركين، فقال صلى الله عليه وسلم ” اللهم اهد قومي، فإنهم لا يعلمون” فلقد كان رحمة للناس أجمعين، فالناس في حاجة إلى كنف رحيم وشاشة سمحة، وود يسعهم، وحلم لا يضيق بجهلهم، وضعفهم ونقصهم، في حاجة إلى القلب الكبير.
الذي يعطي ولا ينتظر العطاء، ويحمل همومهم، ولا يعنيهم بحمل همه، فيهتم بهم ويرعاهم، ويسامحهم ويودهم ويرضيهم، ويعطف عليهم، وهكذا كان محمد صلى الله عليه وسلم، وروي أن عمر بن الخطاب كتب إلى القاسم بن عبد الرحمن، لا تقض في المسجد لأنه يأتيك الحائض والجنب والذمي، وتكثر غاشيته، ويجري بينهم اللغط والتكاذب والتجاحد، وربما أدى إلى السب وما لم تبن له المساجد” وقال ابن قدامة ولنا إجماع الصحابة بما قد روينا عنهم، وقال الشعبي رأيت عمر بن الخطاب مستندا إلى القبلة يقضي بين الناس ولأن القضاء قربة وطاعة وإنصاف بين الناس، ولا نعلم صحة ما رووه، وقد روي عنه خلافه، وأما الحائض فإن عرضت لها حاجة إلى القضاء وكلت أو أتته في منزله.
والجنب يغتسل ويدخل، والذمي يجوز دخوله بإذن مسلم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس في مسجده مع حاجة الناس إليه للحكومة والفتيا وغير ذلك من حوائجهم، وكان أصحابه يطالب بعضهم بعضا بالحقوق في المسجد، وربما رفعوا أصواتهم، فقد روي عن كعب بن مالك قال تقاضيت ابن أبي حدرد دينا في المسجد حتى ارتفعت أصواتنا، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فأشار إلي ضع من دينك الشطر، فقلت نعم يا رسول الله، فقال “قم فاقضه” فتبين بما تقدم من الأحاديث والآثار جواز القضاء في المساجد، وأن ذلك من فعل السلف الصالح، رضوان الله عليهم، وما دام الأمر جائزا فيعني أن القضاء خارجه يجوز، بل استحبه الشافعي وغيره، وقال في عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما في صحيح البخاري.
“عرض عليّ الناس وعليهم قمص منها ما يبلغ الثديين ومنها ما دون ذلك، وعرض علي عمر بن الخطاب، وعليه قميص يجره، قالوا ما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال الدين” وقال صلي الله عليه وسلم في البخاري ” أريت في المنام كأني أشرب من لبن حتى رأيت الري يدخل في أظفاري، فأعطيت فضلتي عمر بن الخطاب فشربها، قالوا ما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال العلم” فهو صلي الله عليه وسلم يثني عليه لأنه لا بد من هذه الأمور في المجتمع، ولا بد أن يعرف للمحق حقه، ولا بد أن يبكت الفاجر بفجوره لينتهي، وكما ان الرسول صلي الله عليه وسلم مدح أناسا في وجوههم.