الشعر

صنية كنافة

جريدة موطني

صنية كنافةصنية كنافة
بقلمي حنان حلمي

جلست تستعيد الذكريات وكأنها شريط سينمائي.يمر من أمامها
احداث كثيرة كان من الممكن القضاء عليها لولا أن منحها الله
القوة والمثابرة وهنا توقف شريط الذكريات عند لحظة فراق الأم وهي في سن صغيرة ستة عشر عاما
كانت الأم مريضة بمرض لعين وهو السرطان ظلت تعاني طوال أربعة أعوام بين ثلاث مستشفيات
في كل مرة تدخل وكلها أمل أن ينعم عليها الله بالشفاء لتعود لبيتها وابناءها ولكن إرادة الله أن تكون النهاية وترحل إلي عالم خالي من الالم والعمليات الجراحية والأدوية
تذكرت كيف طلبت الام بإلحاح شديد من طبيبها المعالج بمغادرتها للمستشفي قبل شهر رمضان باسبوع حذرها الأطباء وحاولوا اقصاءها ولكنها أصرت وقالت للطبيب سوف اعود بعد شهر حتي اقضي هذه الأيام المباركة بين اولادي
وكأنها كانت تشعر أنها النهاية وبرغم مرضها الشديد إلا أنها أصرت أن تصنع صنية كنافة لأنها سمعت ابنتها الطفلة ذات الستة أعوام تريد أن تأكل كنافة
تذكرت الابنة أنها أشعلت لها وابور الجاز لتتمكن من صنع الكنافة وهي جالسة وصنعتها وجلست بين أبناءها الأربعة تطعمهم بيديها ومر شهر رمضان يجري يوما بعد يوم الي قبل الوفاة بيومين في هذا اليوم يشتدد بها الألم
كانت تهذي ولا تردد غير اسم زوجها وعندما تسألها اختها من تريدين تجيب عليها أريد زوجي يستدعون الزوج من عمله ويأتي بالطبيب في المنزل ليهز برأسه معلناً أنه حانت النهاية
جلسوا حولها وقلوبهم تدمي ولا يستطيعون فعل شئ وتقضي الليل في ألم شديد وينجلي وتسطع الشمس معلنة ببداية يوم جديد
ويفاجئ الجميع بأن يتبدل حال الأم علي النقيض تماما وتخبر من حولها أنها شفيت وأصبحت بخير وطلبت من أهلها أن ينصرفو لأعمالهم وبيوتهم واعطت لأختها نقودا لتحيك لبناتها
ملابس العيد فتقول لها اختها عندما انتهي منهم فتصمم لا لريد أن اذهب نظيفة لا يكبلني الدين ومر اليوم وكانوا فرحين لتحسن حالتها وهل المساء واستعد الاب والاولاد لاعتكاف في المسجد فهذه ليلة القدر لم يكن في البيت سوي الام وابنتيها وابنها الأوسط كانت الأم جالسة في فراشها وفي الجهة المقابلة بنتيها تيممت الام كعادتها لتصلي وضعت ابنتها خلفها وسادة لتسند ظهرها وهي تصلي وخيم النوم علي المكان استعدادا لنزول ملك الموت حاولت الابنة أن تقاوم النوم ولكن كان هناك يد خفية تغمضها تستيقظ بعد فترة لا تعلم ما مر من وقت
لتجد الام تضع يدها اليمني فوق اليسري مغمضة العينين
بوجه باسم وكأنها نائمة تحلم حلما جميلا
قامت الابنة لتغلق التلفاز وتعود ثانية الي النوم ولكن اسوقفها أن أمها جالسة فأرادت أن تنزل امها بهدوء لتفرد جسمها ولكنها فوجئت أن الأم سحبت معاها ولم تستيقظ نوم امها كان خفيفا حاولت ايقاظها ونادت عليها ولكنها لم تجيب
فهىئ إليها هي واخواتها انها مغمي عليها حاولوا بالنشادر افاقتها واسرعت الابنة تستنجد باحدي الجيران وحضرت وعلمت أنها فارقت الحياة ولكنها كتمت الخبر عنهم رفقا بهم وقالت سوف احضر لها الطبيب
وذهبت لأهلها في الشارع الذي يليهم لتخبرهم بموت ابنتهم
ويأتي الأهل من بعيد بالصراخ والنحيب ويخرج اولادها من الشرفة ليكتشفوا أن هذا الصراخ والنحيب علي امهم
وهنا تتساقط الدموع من عيني الابنة كل هذا يمر من أمامها
في شريط سينمائي 

صنية كنافة

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار